اللسانيات الإجتماعية في الدراسات العربية الحديثة التلقي والتمثلات.pdf
![]() |
اللسانيات الإجتماعية في الدراسات العربية الحديثة التلقي والتمثلات. |
المقدمة
فقد مثلت اللسانيات العامة إحدى العلامات البارزة للقرن العشرين، التي ميزته من العقود الزمنية السالفة. هذه اللسانيات اتصفت بنسق تطوري كان في بحث دائم، وتفاعل مستمر، من أجل الظفر بنظرية لغوية تكون الأجدر والأفضل لإزاحة الأسئلة المطروحة في الميدان اللساني، ولتجاوز النظر اللغوية السابقة ومخالفاتها. وكان جزء مهم من هذا البحث والتفاعل المتطور، أن ظهرت اللسانيات الاجتماعية ردة فعل على عدد من اتجاهات النظرية اللسانية، التي طرحت النظر في دراسة اللغة على أنها بنية، ووصفت ارتباطها إلى البنية الخارجية للغة، وبذلك حرصت نفسها مما تقدمه تلك المقاربة من نفع وجدوى في الكشف عن حقائق اللغة المرتبطة بهذا الخارج المتعدد والمؤثر.
وبهذا كانت اللسانيات الاجتماعية - بحسب اللسانيين العرب - تطوراً في حركة الدرس اللساني العالمي، ومظهراً مهماً يبرز منزلة اللسانيات، وجاهة شأنها، لما حققته من نجاح في عقد محاورة مفتوحة مع العلوم الأخرى، ومنها علم الاجتماع الذي تحضت محاورة اللسانيات له منذ ولادة هذا الاتجاه اللغوي الحديث، وبذلك انتقلت اللسانيات من الثابت إلى المتحول، ومن الصامت إلى الناطق، ومن المنظم إلى المتنظم، معترفة بحاجة الدرس اللغوي إلى تلك الرؤية الخارجية التي تمنحه تكاملاً في معرفة الدرس ودراسته.
ولم تكن بوادر الدراسات اللسانية العربية بعيدة عن هذا التطور والتنوع في الدرس اللساني الغربي، فأظهرت له استقبالاً، بدرت تجلياته في الكتابات اللسانية العربية الأولى. إنَّ هذا الاستقبال، وتلك التجليات كانت معلماً واضحاً في الدرس اللساني العربي، تعلن عن تبني اللسانيين العرب هذا الاتجاه، ومعالجته فرعاً من فروع النظرية اللسانية الوافدة.
كتب ذات صلة
بما يتطلب رصداً لمساره، ومحطاته؛ بغية الكشف عن وصف دقيق لوضعه في الثقافة اللسانية العربية.
ومن هنا؛ فإن هذه الدراسة تقع في إطار ذلك المشروع اللساني الرامي إلى مراقبة اللسانيات العربية الذي يستمد مشروعيته من سنن المراجعة والتقويم، وقد بدأه مجموعة من الباحثين العرب عبر دراساتهم النقدية، التي جعلت من المشروع اللساني محطة للتساؤل والمشاهدة؛ بهدف تقويمه، والوقوف على إشكالاته، وعوائقه، أملاً في تنظيمه لضمان درس لساني يوازي نظره الغربي، ويعالج اللغة العربية نظراً وتطبيقاً.