كتاب سوسيولوجيا الجسد العربي . PDF
1/ سوسيولوجيا النوع - رقية لكبير :
برز مفهوم الجندر أو النوع الاجتماعي بصورة واضحة في بداية السبعينات من القرن الماضي و من أوائل من حدد مفهوم النوع من وجهة نظر سوسيولوجية نسائية هي آن اوكلي التي ميزت بين الجنس و النوع ، فكلمة الجنس تحيل على الفوارق البيولوجية بين الذكور والإناث ، و إلى الفوارق الظاهرة بين الاعضاء الجنسية، و كذا إلى الفوارق في ارتباطها بالوظيفة الفيزيولوجية و الانجاب أما النوع فهو معطى ثقافي يحيل على التصنيف الاجتماعي مذكر مؤنث ، و ، تخلص اوكلي إلى القول بأن النوع الاجتماعي هو بمثابة الجنس الاجتماعي ، في هذا السياق نجد او نتوانيت فوك التي اعتبرت أن مفهوم النوع الاجتماعي يعني مميزات الرجل و المرأة و هي مميزات تتصل بعلاقتهما الاجتماعية تحت تأثير عوامل اقتصادية و ثقافية و أيديولوجية تحدد ادورهما ، وناقشت أيضا مسألة المساواة بين الجنسين في السياسات العامة الحكومية و غير الحكومية ، إذن إن الفروقات في الجنوسة أو بين الأنواع الاجتماعية ليس من الضروري نابع من الفروقات البيولوجية بين الذكر والانثى إنما هي فروقات مترجمة عن نظرة المجتمع و الحضاره للنوع الاجتماعي بشكل أساسي و على التوقعات التي يبنيها المجتمع نفسه من النوع الاجتماعي الآنف ذكره اي ان نظرة المجتمع و التوقعات الجندرية فيه هي التي تبني و تصمم مراحل تطور الذكر كرجل و الانثى كامرأة و هي نفسها التي تصمم الطبقية والمجتمعية القائمة على تفوق لصالح الرجل عن المرأة ، نظرا لإرتباط الفوارق الجنوسية ارتباطا وثيقا بالمسائل . المتعلقة بالتفاوت و عدم المساواة و القوة في المجتمع فإن هذه القضية تستحوذ على اهتمام كثير من علماء الاجتماع يضاف إلى ذلك أن التغيرات التي أحدثتها الحركات النسائية خلال العقود القليلة الماضية قد أدت إلى الاعتقاد لدى الكثيرين بأن أنماط التفاوت و اللامساواة الجنوسية إنما يجري إنتاجها وتعزيز وجودها بل و تحويلها من جانب المجتمع .و قد غادت الدراسات المتخصصة بشؤون الجنوسة و السلوك الجنسي من الموضوعات التي يكثر الإقبال عليها في العلوم الاجتماعية الحديثة.
غلاف كتاب سوسيولوجيا الجسد العربي . |
2: التنشئة الاجتماعية و الجنوسة :
ماذا يعني أن يكون الإنسان رجلا ؟ و ماذا يعني أن يكون امرأة ؟ قد يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى أن يكون الإنسان رجلا أو امرأة أمر مرتبط بجنس الخصائص البيولوجية الجسدية التي ولدنا بها بمعنى أنه يتعلق بالتميز الجنسي بين الجنسين اي من خلال الوصف التشريحي غير أنه في منظور علم الجنس السوسيولوجي أمر مختلف فالمرء يولد كائنا بيولوجيا و النظم والأنساق الاجتماعية و الثقافية هي من تحوله إلى ماهي او هو عليه ، أي أنه يولد ذكر أو أنثى ، والتنشئة الاجتماعية و التربية هي التي تحوله إلى إمرأة أو رجل ، إن تصورنا عن الهوية الجنوسية، بل و عن الاتجاهات و التمثلات والتصورات و التفاعلات والعلاقات و الميولات الجنسية تشكل جانبا أساسيا من شخصيتنا تبلور في مرحلة مبكرة جدا من حياتنا و أصبح راسخا في أعماق نفوسنا طيلة العمر ، فالجنوسة أو النوع الاجتماعي ليس أمرا مقدرا مند اللحظة التي نتكون فيها قبل تسعة أشهر من ولادتنا بل إنها أمر نسهم نحن في صنعه و تنميته خلال حياتنا اليومية عبر تفاعلنا الاجتماعي مع الآخرين فمن الوجهة الاجتماعية ننتج و نعيد إنتاج الجنوسة من خلال آلاف من الأفعال و الممارسات في الحياة اليومية ، إن طرحنا لهذه المسألة و بهذه الكيفية يحيلنا مباشرةً إلى إشكال جوهري لابد لنا أن نستحضره و هو نفس الإشكال الذي طرحته سيمون دي بوفوار في كتابها الشهير "الجنس الآخر "حيث قالت ليس بوسع البيولوجيا الإجابة على السؤال الذي يشغل بالنا : لمذا تكون المرأة الجنس الآخر؟ ينبغي لنا أن نعرف ما فعلته الإنسانية بالأنثى البشرية ، في نفس السياق عند دي بوفوار ترى أنه لا يمكن لأي حدث بيولوجي أو نفسي أو اقتصادي أن ينفرد بتحديد الشكل الذي ستتخده الانثى البشرية في قلب المجتمع، لكن مجموعة الظروف الحضارية هي التي تكون هذا المنتوج المتوسط بين الذكر و الخصي ، الذي نسبغ عليه صفة الأنوثة عند المرأة.
اقرأ أيضا : كتاب سوسيولوجيا الجسد _ دافيد لو بروتون