كتاب أضرحة الملوك النُّوميد والمور تأليف د . رابح لحسن les mausolées des rois
( دراسة أثريّة وتاريخيّة مقارنة لأهم الأضرحة المَلكيّة النُّوميديّة والموريّة المُشيّدة منذ القرن الرّابع ق . م إلى غاية عشيّة الفتح الإسلامي في القرن السّابع الميلادي ) الطبعة الأولى : الجزائر 2007 م / 420 ص.
غلاف كتاب أضرحة الملوك النُّوميد والمور تأليف د . رابح لحسن |
ملخص الكتاب
باستثناء الأطلال الرومانية الكثيرة ببلاد المغرب، يمكن القول إن المعالم الجنازية القديمة، سواء أكانت قبور عادية أم أضرحة، هي ما تبقى اليوم من آثار تشهد على تاريخ الشعوب الأمازيغية والبربرية في الفترة القديمة، كما تعتبر من أبرز الشواهد المادية التي يركز عليها الباحث اليوم لدراسة الحياة الدينية في المغرب القديم.
لقد كشفت دراسة هذه المدافن خلال الوجود الفرنسي والعشريات الأولى من الاستقلال، عن خصوصية علمية هامة تتعلق أساسا بالجانب الديني والفن المعماري، حيث سمحت بالتعرف على كثير من الممارسات والعادات الجنازية. وكذلك الفنون الهندسية المختلفة التي تعامل عند البربر القدامى في تلك الفترة. لكن يظهر أن هذا النشاط قد شهد تراجعا ملحوظا منذ نهاية الثمانينات من هذا القرن، ليتوقف بشكل شبه نهائي في مطلع التسعينات بسبب عوامل عديدة، شأنه في ذلك شأن بقية المعالم والنصب التاريخية الأخرى.
ومما لا شك فيه أن هذا الركود، انعكست آثاره سلبا على مسار البحث التاريخي عموما، وأصبح بالتالي الباحث الجزائري يعتمد كلية على ما أنجزه الباحثون السابقون. وفي هذه الظروف المميزة جاء اختياري لموضوع «أضرحة الملوك النوميديين والموريين»، باعتباره من بين أحد الأبحاث التي لها علاقة وطيدة بميدان البحث الأثري، ومن شأنه أن يساهم في رد الاعتبار له.
تكمن أهمية هذا الموضوع في كونه يتعلق بفترة تاريخية خاصة، سلك كل من العمر والتنويد الإطار البشري لها ويمكن تقسيمها إلى مرحلتين أساسيتين:
الأولى: تمتد ما بين القرنين الرابع والنصف الأول من القرن الأول ميلادي، وتسمى أيضا ما قبل الحقبة الرومانية، وقد شهدت هذه الفترة بروز أولى الممالك النوميدية والمورية القديمة التي أشارت إليها النصوص القديمة، كما عرفت تطورات هامة في مجال البناء الجنازي، ميزها على الخصوص تبني المهندسين البربر للفنون الهندسية السائدة عند الشعوب المعاصرة لهم كالإغريق، الفنيقيين والمصريين من جهة، وتطوير العمارة المحلية ودمجها في إطار منسجم مع الأشكال المستوردة من جهة أخرى.
الثانية: تمتد ما بين القرنين الخامس والسابع ميلادي، أي نهاية السيطرة الرومانية وبداية الهيمنة الوندالية ثم البيزنطية. وتميزت هذه الفترة كذلك بظهور إمارات أو كيانات سياسية مستقلة، وبرزت ظاهرة إحياء التقاليد المعمارية المحلية القديمة في مجال المنشآت الجنازية.