من أقوال ابن القيم في تطوير الذات

مقدمة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه وبعد:

حينما يُطلق مصطلح تطوير الذات تذهب مُخَيّلة أغلب من يقرأ يسمع ؛ نحو تطوير الذات المتعلق بالأهداف الدنيوية من الدراسة والعمل وما شابههما، هذا في الغالب.

ولكن في الحقيقة إنَّ تطوير الذات يكون في كل شيء يتعلق بالإنسان فيما يخص أهدافه الدنيوية أو الأخروية. ولا شَكٍّ أنَّ الهدف الأسمى للمسلم هو رضى اللهِ ودخول الجنة، وليس بعد هذا الهدف هدف.

والإنسان بطبيعته يميل إلى النسيان؛ فهو دائم الخروج عن أهدافه الرئيسية، وما ذلك إلى لكثرة الشواغل والصوارف؛ ولهذا فإنَّ إرجاعه إلى الأهداف الرئيسية أمر مهم.

ومن أفضل الأساليب لتذكيره وإرجاعه إلى أهدافه الرئيسية: مخاطبة عقله وعاطفته بالكلمات الإيجابية التي سرعان ما يتأثر بها؛ فيعود إلى طريقه الذي يحقق له هدفه من خلاله. ولهذا فقد اهتم أهل (تطوير الذات) بالكلمات الإيجابية المختصرة التي لها مفعول الداوء في الأبدان.

ولتحقيق هذا المقصد المهم؛ فقد هَمَمْتُ منذ زَمَنٍ غير بعيد بجمع شيءٍ مِن أقوال الإمام ابن القيم - رحمه الله -، وخصوصاً تلك التي لها علاقة بتطوير الذات دينياً، ومقاومة شهوات النفس ورغباتها؛ حيث إنّ الله - أقوالاً تسطر بماء الذهب؛ تعطي للواحد طاقة وتحفيزاً وتجديداً للنشاط في العبادة وإصلاح أحوال النفس، وعلاقة الواحد بينه وبين ربه، وبين الناس .

فالكلام الطيب وقُود للنفس لأداء المزيد من العمل، ومتى أحس الشخص بنوع مِنَ الضعف في جانب التحفيز نحو العمل الديني أو

الدنيوي؛ فإنَّ عليه الاستزادة من الأقوال التحفيزية؛ تماماً كالاستزادة من الطعام حين الإحساس بالجوع !.

ومِنْ ضمن الأسباب التي دعتني لجمع كلام ابن القيم في هذا الجانب؛ هو توجه المدربين والمطورين الإداريين لأقوال علماء الغرب، دون محاولة منهم للأخذ من علماء المسلمين الذين لديهم كم كبير مِن تلكم الأقوال التحفيزية بل وقبل ذلك الأخذ من كتاب الله - سبحانه - وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقوال الصحابة - رضي ال الله . عنهم -.

هذا وقد قمتُ بجمع هذه الأقوال من بعض المواقع وبعض كتب الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى ، وقمتُ بتبويها ليسهل الاستفادة منها، ولم أحبّذ الإشارة إلى مصادر الأقوال؛ لئلا يطول الكتيب بالمصادر والصفحات !

وإني لأمل أن أكون سبباً ليجمع أحد المطلعين على هذا الكتيب تلكم الكلمات التحفيزية من كتب ابن قيم الجوزية وغيره من العلماء؛ فهو جهد كبير، وعمل مثمر.

والحمد لله أولاً وآخراً ...