المدخل لعلم الاجتماع الإسلامي صلاح مصطفى الفوال
دعوة إلى قيام علم اجتماع عربى إسلامى
نحن نعتقد أن التراث العربي والإسلامى لكل الرواد الذين ذكرناهم ولكثيرين غيرهم لم يسعفنا الوقت والحظ حتى نذكرهم، خصوصا وأن هذا التراث يحتاج إلى قراءة سوسيولوجية متأنية ومنصفة.
والأمل أن تتاح لنا الظروف المناسبة لننفض الغبار عن ذلك التراث وتلك الإسهامات، وأن نعرضهما عرضا علميا موضوعيا نقديا ومقارنا بالإسهامات السيوسيولوجية الحديثة لنتأكد أكثر من أصالة ذلك الفكر العربي والإسلامي وشموخه ولنثبت أن ذلك الفكر شكل - خلال تسربه عبر الأندلس - الأساس الذي نهضت عليه الإسهامات السوسيولوجية لرواد علم الاجتماع الغربي، حتى لا يكون اعتراف بعض المنصفين منهم بذلك منة أو تجاوزا .
وليس هذا وحده هو باعثنا للدعوة لقيام علم اجتماع عربي إسلامي، ولكن يوجد سبب آخر لا يقل أهمية عن الباعث الأول، ويتمثل ذلك في أن العالمين العربي والإسلامى على امتداد رقعتيهما يتميزان بالعديد من السمات الخاصة التي تختلف من حيث الشكل والمضمون والوظيفة عن مثيلاتها فى المجتمعات الأخرى.
المدخل لعلم الاجتماع الإسلامي صلاح مصطفى الفوال . |
وإن ذلك التمايز يتطلب دراسة إمبيريقية للواقع العربي والإسلامي على ضوء نظرية سوسيولوجية عربية إسلامية مميزة، بهدف إيجاد حلول للعديد من المشكلات التي تواجه المجتمعات العربية والإسلامية، سواء على المستوى العالمى أو القومى أو الإقليمي، أو حتى على المستوى المحلى الضيق داخل كل مجتمع عربي وإسلامي على حدة، وخصوصا أن المجتمعات العربية والإسلامية تجتاحها اليوم متناقضات عديدة.. حضارية وسياسية واقتصادية ،وأيديولوجية، فضلا عن التحول السريع الذى يدك بنيانها الاجتماعى دكا تحت إغراءات التكنولوجيا الحديثة وغزوها لكل مجالات الحياة المجتمعية العربية والإسلامية خصوصا في ظل نظم العولمة والثورة المعلوماتية.
لذلك كله فإن الحلول المؤقتة ما عادت تجدى، وخصوصا أن معظم تلك الحلول مستورد .
ومن هنا تنبع دعوتنا لقيام علم اجتماع عربي وإسلامي، لا ليبرز أمجاد الماضي فقط، وإنما ليدرس الواقع الاجتماعى العربي والإسلامي مستفيدا من التراث، وليقدم حلولا مرتبطة بذلك الواقع.
وعلى ذلك العلم الوليد - علم الاجتماع العربي الإسلامى – ألا يكون منغلقا عن التقدم العلمي السوسيولوجى العالمى ولا منعزلا عنه.
كما أن الدعوة لضرورة قيام علم اجتماع عربى إسلامى لا تنشأ من فراغ وإنما هي تنطلق من واقع قدراتنا الذاتية وإمكانياتنا العلمية والبشرية، لأن أى إحصاء بسيط سيوضح أن الوطن العربي والإسلامي يضم عشرات المئات من أقسام الاجتماع ومعاهده وكلياته، فضلا عن مئات الألوف من طلاب الاجتماع وباحثيه، وهناك أيضا الصفوة الممتازة من علماء الاجتماع العرب والمسلمين التي تبذل جهدا مقدرا في إعداد جيل من الباحثين الاجتماعيين المتمرسين، زد على ذلك المئات منهم التي تعيش في المهجر ولاسيما في أمريكا وأوربا وتقدم فكرا سوسيولوجيا متميزا.