📁 آخر الأخبار

ثمانية أفكار لسيجموند فرويد لايزال تأثيرها قائماً حتى اليوم

ثمانية أفكار لسيجموند فرويد لايزال تأثيرها قائماً حتى اليوم

المقدمة:

سيغموند فرويد، الأب الروحي للتحليل النفسي، قدم للعالم مجموعة من الأفكار والنظريات التي لا تزال تؤثر في فهمنا للسلوك البشري حتى اليوم. من خلال استكشافه لللاوعي، الغريزة الجنسية، وآليات الدفاع، ساهم فرويد في تشكيل العديد من المفاهيم النفسية التي نستخدمها لفهم أنفسنا والآخرين. 

ثمانيةُ أفكارٍ لسيجموند فرويد لايزال تأثيرها قائماً حتى اليوم
ثمانيةُ أفكارٍ لسيجموند فرويد لايزال تأثيرها قائماً حتى اليوم.

في هذا المقال، سنستعرض ثمانية من أهم أفكار فرويد التي لا تزال تحتفظ بأهميتها وتأثيرها في علم النفس الحديث.

▪ نظرة شاملة على سيجموند فرويد

 يعد سيجموند فرويد مؤسس مدرسة التحليل النفسي؛ وهو طبيب أعصاب وعالم نفس نمساوي، وُلِد عام (1956-1939) لأسرة يهودية وحصل على الدكتوراه في الطب في فينا عام 1881. من صغره بدت عليه علامات العبقرية والنبوغ حتى أصبح أحد أهم من درسوا النفس الإنسانية على مدار التاريخ.

أجزاء النفس الإنسانية عند فرويد

يتكون العقل البشري من جزأين: الواعي واللاواعي. يشمل العقل الواعي كل الأشياء التي ندركها بسهولة بينما يشمل العقل اللاواعي كل الأشياء التي خارج وعينا أي الرغبات والمخاوف والذكريات التي تؤثر على السلوك. ويصور “فرويد” العقل الإنساني بجبل ثليجي حيث يمثل جزئه المرئي أي التي فوق الماء جزءًا صغيرًا فقط من العقل، بينما يمثل الامتداد الضخم للجليد المخبأ تحت الماء اللاوعي.

في كتابه ” الآنا والهُو” (1923)، يُقسّم “فرويد” بدقةٍ النفس الإنسانية إلى ثلاثة أجزاء: الهُو (ID) والأنا (Ego) والأنا العليا (Super ego):

الهُو (ID): هو الجزء الأكثر بدائية من الشخصية وهو مصدر جميع الشهوات والدوافع. أي أنه الشيطان ومصدر الشرور هذا هو الإنسان وفقًا لفرويد.
الأنا العليا (Super Ego): هو الجزء الذي يتمسك بجميع القوانين والقيم والأخلاق المكتسبة من الأسرة والمجتمع والدين. ويمكن اعتبار هذا الجزء بأنه “الضمير” (فرويد: قراءة عصرية. روزين جوزيف, ص. 31).
الأنا (Ego): هو الجزء الذي يعمل وسيطًا بين الهُو (الشهوات) والأنا العُليا (القيم والأخلاق الحسنة). أي أن هذا الجزء يحاول أن يجد حلولًا مناسبة لإرضاء كلا الطرفين.
الارتباط الحر Free Association
في الفترة بين 1892 إلى عام 1898 عمل سيجموند فرويد على تطوير الارتباط الحر باعتباره آداة لاستكشاف اللاوعي. وهذه الأداة تجعل المريض ينطق بكل ما يخطر على باله دون تدخّل من المُعالج. قد يقول الشخص كلمات غير متسقة بل ويحكي عن مواضيع متنوعة فى آن واحد. الارتباط الحر الفرويدي غير شائع -إلى حد ما- في العلاج هذه الأيام. حتى الفرويديون الجدد Neo-Freudians لا يستخدمون هذه التقنية كثيرًا. لكن الأطباء والمعالجين النفسيين المعاصرين يستخدمون نسخة جديدة من الارتباط الحر.

الأحلام

أصدر فرويد كتابه “تفسير الأحلام” عام 1899 وفيه يحاجج بأن معظم الأحلام تعمل على تحقيق رغباتنا، وأن الأحلام لها لغة غامضة ورمزية. والأحلام تتكون من رموز؛ لأن المجتمع يفرض قيوده ورقابته على اللاوعي أيضًا.
يعتقد فرويد أن الأحلام يمكن تقسيمها إلى نوعين: الظاهر والخفي. المحتوى الظاهر هو كل الأحداث والصور في الحلم. وهو ما يتذكره الإنسان بعد الاستيقاظ. بالنسبة للمحتوى الكامن هو كل المعاني الرمزية في الحلم. فالشخص أو الأشياء في الحلم ربما يكونوا رموزًا لأشخاص وأشياء أخرى.
المازوشية/المازوخية
في “تفسير الأحلام” (1900 أ)، يذكر فرويد مفاهيم المازوشية والسادية. يوضح أن المازوشية هي مقابل السادية وهما “غرائز” لا انحرافات. يعتقد فرويد أن الوثن Fetish هو أساس الممارسات الجنسية، وأن السادية والمازوخية هما غرائز إنسانية. بل أن المازوخية هي إحدى صورة عقدة أوديب. في مقالته: “المسألة الإقتصادية في المازوشية” يميز فرويد بين ثلاثة أنواع من المازوشية وهي: مازوشية مولّدة للشبق ومازوشية أنثويّة ومازوشية أخلاقيّة. المازوشية الأنثويّة هي التلذذ هي بالخضوع والسلبيّة بينما المازوشية الأخلاقية لها علاقة وثيقة بمرضى العصاب الوسواسي.

عقدة أوديب (Oedipus Complex)

يناقش نفس الكتاب ما سُمي فيما بعد بعقدة أوديب والتي تُعد إحدى أفكار فرويد الأكثر شهرة وإثارة للجدل واستلمها من أسطورة أوديب للكاتب الإغريقي “سوفوكليس”. وهذه الفكرة تتبع نظرية المراحل الخمس للتطور الجنسي عن “فرويد” وهما الفمية، والشرجية، والقضيبية، والكامنة، والتناسلية. فالطفل في المرحلة القضيبية – من(3-6) سنين– ينافس أباه لكسب الاهتمام من أمه. والأدهى من ذلك أنه يكره أباه لأنه يغار جنسيًا على أمه منه. لذا فإن عقدة أوديب تعبر عن الأحاسيس الجنسية تجاه الأم في العقل الباطن للطفل. وفي هذه المرحلة يطور الطفل الأنا العليا (Super Ego) التي تتتكون بشكل رئيس من قيم والد الطفل مما يمنح الطفل آلية داخلية (Mechanism Defense) للتصدي لهذه الأفكار غير المناسبة.
لا بد للطفل أن يتخطى عقدة أوديب خلال المرحلة القضيبية؛ لأنه إذا لم يحدث هذا، سيصبح بالغًا غير سوي في العلاقات التنافسية والحب. أي أن شعور التنافس مع الأب يتحول لتنافس مع رجال آخرين من ناحية والبحث عن شريكة تشبه أمه من ناحية أخرى.
إسهامات “فرويد” ليس فقط في علم النفس بل إنه قدم فرضيات في الأنثروبولوجي وتاريخ الأديان.

موسى والتوحيد

قدم فرويد كتابه “موسى والتوحيد” عام 1939، وفيه يحاجج بأن النبي “موسى” مصريٌ وكان أحدَ قادةِ إخناتون وزعيم اليهود في مصر. يعتقد فرويد أن موسى كان قائد ذا كاريزما وأنه هرب من مصر بعد حكم أخناتون. يرى “فرويد” أن اليهود قتلوا موسى؛ لأنه حاول تعليمهم التوحيد كما جاء به إخناتون.

الطوطم والتابو

في عام 1913 أصدر فرويد كتابه “الطوطم والتابو” الذي فيه اعتمد على أفكار السيد “جيمس فريزر” مؤلف “الغُصن الذهبي”. تعرّض هذا الكتاب لما يطرحه من أفكار مثيرة للجدل لانتقادات على نطاق واسع. يحاجج “فرويد” أن الطوطم Totem هو حيوان أو طائر مقدس ويعتبر رمزا مشترك بين مجموعة من الأشخاص (قبيلة). وظف “فرويد” السكان الأصليين لأستراليا نموذجًا لدراسته؛ لأن تميزت بما يُعرف بالطواطم. ومن ناحية أخرى، يجادل فرويد بأن التابو (المحرمات) هي أشياء يمنعها المجتمع دون سبب واضح. وزنا المحارم وقتل حيوان الطوطم هما من أبرز المحرمات في المجتمع الذي يقدّسهما.

النرجسية

من الجدير بالذكر أن العديد من الفلاسفة ناقشوا الكبرياء والغرور. الذي أطلق مصطلح النرجسية هو عالم النفس “هافلوك إليس” لكن طوره فرويد، أي إن سيجموند فرويد هو من قدم اضطراب الشخصية النرجسيةوهو اسم مستمدٌ من الميثولوجيا الإغريقية. وتحكي الأسطورة عن الشاب “نرجس” المتباهي بوسامته حتى أنه ذات مرة حدق في صورته المنعكسة في بركة ماء حتى سقط فيها. في عام 1914، نشر “فرويد” مقالته المعنونة: “النرجسية: مقدمة“. وفيها عدد من الأفكار التي اقترح فيها أن النرجسية مرتبطة بما إذا كانت الرغبة الجنسية موجهة نحو الذات، أو نحو الآخرين. لقد شعر أن الأطفال يوجهون كل الرغبة الجنسية إلى الداخل (الذات)، وهي حالة أسماها بالنرجسية الأولية.

أهم أفكار سيغموند فرويد

1️⃣ اللاوعي ، أو كيف لا تحدث الأشياء مُصادفةً. 

اكتشف فرويد أن ما مِن شيء يُسمى حادثة أو صدفة ، واكتشف كيف أن المشاعر والأفكار والدوافع والأمنيات والأحداث ، التي قد تبدو عشوائية ، تحمل معاني خفية. يشير الكاتب إلى زلات اللسان التي يسميها علماء النفس «زلَّة فرويدية»، والتي تدلنا على أهمية المعاني الباطنة للأشياء التي نقولها ونفعلها.
بمعنًى آخر، لو حدث ونسيت مفتاحك في شقة من تحب «بالصدفة»، فأغلب الظن أنَّك ، دون وعي ، تركتها بهدف الرجوع إلى شقته ثانيةً ، رغبةً في رؤيته.
بدايةً من الأحلام والزلَّات الفرويدية وحتى التداعي الحر ، لا يزال التعمق في اللاوعي بغرض تحرير الرغبات ، أو الصدمات ، أو الدوافع المنسية المحرمة ، خطوةً شديدة الأهمية تجاه معرفة أصدق بالسلوك البشري. 

2️⃣ الليبيدو "الغريزة الجنسية : نقطة الضعف والقوة". 

حتى لو حاول جميعنا إنكار الأمر ، فالجنس هو دافعنا الأول والقاسم المشترك بين البشر في رأي فرويد ، إلا أن شعورنا الشديد بالخجل والاشمئزاز من تلك المبادئ الداروينية البدائية ، التي أدت إلى تقدم الإنسان على سائر المخلوقات الحية ، جعلنا نبذل وقتًا هائلًا في إنكار هذا «الجانب المظلم» من حيواتنا. فحتى أكثر الأشخاص حكمةً وتزمتًا يعاني بشدة من محاولات هزم شهوته وشهيته الجنسية. 
رغبة واحدة تسببت في فضائح هزت عرش الفاتيكان والكنائس الأصولية وكثير من المشاهير ، هي الرغبة الجنسية. راقب فرويد هذا النضال الشهواني في كلٍّ من الرجال والنساء في فيينا خلال العصر الفيكتوري ، فاستطاع بسهولة استنتاج نظرياته من هنا. 

3️⃣ التفكير أحد أشكال التمنِّي. 

اكتشف فرويد أن عملية التفكير ، التي تتضمن التمني والتخيل ، مُرضية في حد ذاتها. ولاحظ المعالجون والمحللون النفسيون أن التخيل يكون أحيانًا أكثر إشباعاً ، عقلياً وجسدياً ، من تحقيق الفعل نفسه. ومن هنا استفاد علماء الأعصاب من نظرية فرويد التي تشرح محاولات الإنسان في تخيل الأشياء قبل تحقيقها ، وليس غريباً أن لا ترتقي متعة تحقيق الأشياء إلى متعة تخيلها وإضفاء تفاصيلنا الخاصة عليها. 

4️⃣ الحكاية علامة شفاء الراوي. 

قال فرويد في إحدى محاضراته إن الحكي يجعلنا أخَف ، وسواء كان العلاج النفسي على طريقة فرويد أو أي نوع آخر من العلاج بالحكي ، فقد ثبت أن الكلام يساعد على تخفيف الأعراض العاطفية وتقليل القلق ، وتحرير العقل من قيوده.
يمكن للتأمل والعلاج المختصر أن يؤثر فعلًا في تخفيف الأعراض ، إلا أن العلاج بالحكي يشمل أداة مهمة هي العلاقة العلاجية التي تنشأ بين المريض والمعالِج ، إذ ينخرط الشخص بكل جوارحه في العلاج ، وليس في مجموعة من الأعراض أو التشخيصات فقط ، وهو ما يؤدي إلى تغيير أعمق وأبقى. 

5️⃣ آليات الدفاع 

يُعد مصطلح «آليات الدفاع» جزءًا لا يتجزأ من فهمنا البديهي لسلوك الإنسان ، لذا أصبحنا ننظر إليه باعتباره أمراً مسلَّماً به ، وقد أنشأ فرويد هذه النظرية وطورها بمساعدة ابنته «آنا فرويد». 
آليات الدفاع هي استراتيجيات نفسية يأتي بها العقل الباطن بغرض التلاعب بالأفكار ، أو الإنكار ، أو تشويه الواقع ، وذلك لحماية نفسه من مشاعر القلق والدوافع غير المقبولة. ومن بين جميع أنواع آليات الدفاع التي صاغها فرويد ، ومنها القمع والتبرير والإسقاط ، يًعد الإنكار أشهرها.
الإنكار هو رفض صريح لإدراك أن شيئًا ما قد حدث بالفعل ، أو يحدث حالياً ، أو حتى الاعتراف به. ويمكن للإنكار أن يكون شخصياً مثل إنكار الإدمان أو إنكار تجربة حياتية مؤلمة ، لكن بإمكانه كذلك أن يتخذ شكلًا أكثر عموماً مثل إنكار ظاهرة علمية أو اجتماعية أو ثقافية ، كإنكار حدوث التغير المناخي ، أو إنكار حدوث مذابح الهولوكوست. 

6️⃣ مقاومة التغيير 

تقاوم عقولنا وسلوكياتنا التغيير بطبيعة الحال ، فكل ما هو جديد مخيفٌ وغير مرحَّبٍ به ، حتى لو كان تغييراً إلى الأفضل. استنتج التحليل النفسي وجود مبدأ المقاومة وكان محقًّا بشأنه ، واستطاع أيضاً أن يجد الأدوات اللازمة ليهزم قدرته العنيدة على عرقلة حياة كلٍّ من الفرد و المجموعة. 

7️⃣ الماضي يؤثِّر في الحاضر. 

قد يبدو هذا بديهياً لنا حالياً ، لكن منذ أكثر من مئة سنة سابقة ، حين توصل فرويد لهذه الحقيقة ، كانت لحظة كشف حقيقية بالنسبة له. واليوم ، تساهم كثير من نظريات فرويد ( بشأن تنمية الطفولة وآثار ما اختبره الإنسان في سنواته المبكرة على سلوكه الحالي ) في مساعدة وعلاج المرضى ممَّن يتورطون في أنماط سلوكية مكررة ومعادة تسيطر على حياتهم.

8️⃣ الميل نحو العنف عائق الحضارة.

بينما تردَّدت أصداء الحرب العالمية الأولى وانتشرت معاداة السامية في أوروبا ، قال فرويد في كتابه « قلق في الحضارة » عام 1929 « إن الإنسان ذئب لأخيه الإنسان. مَن سيكون شجاعًا بما يكفي للتشكيك في هذه الحقيقة المؤكدة؟ ».
رأى فرويد أننا الأعداء الحقيقيين لأنفسنا ، وأن الحضارة الإنسانية مهددة إذا لم يتغير سلوك بعضنا تجاه بعض. 
هاجمه النازيون أولًا ، ثم الشيوعيون بعد ذلك ، لكن فرويد لم ينحَز رغم ذلك لأمريكا ، التي رأى في ثقافتها هوسًا مَرضيًّا بالمادة. وربما كان هذا الموقف واحدًا فقط بين استبصارات كثيرة أثبتت أهميتها لعالمنا اليوم ، بالضبط كما كانت عندما كتبها فرويد لأول مرة.

الخاتمة:

تظل أفكار سيغموند فرويد حجر الزاوية في علم النفس، حيث قدمت رؤى عميقة حول العقل البشري وسلوكياته. من اللاوعي إلى آليات الدفاع، ومن تأثير الماضي على الحاضر إلى مقاومة التغيير، ساهمت نظريات فرويد في تطوير العديد من الأساليب العلاجية والنفسية التي نستخدمها اليوم. على الرغم من الجدل الذي أثارته بعض أفكاره، إلا أن تأثيره العميق على علم النفس لا يمكن إنكاره، مما يجعل دراسة أفكاره ضرورة لفهم أعمق للنفس البشرية.

مقالات ذات صلة 



تعليقات