تاريخ وتطور علم النفس الاجتماعي
مدخل إلى علم النفس الاجتماعي والتعريف به
تعد دراسة علم النفس السلوكي الإنساني المدخل الرئيسي الذي يركز عليه، إذ يهدف هذا العلم إلى معرفة دوافع السلوك بكافة أشكاله وتقديم تفسيرات تكشف عن خفايا النفس البشرية والوصول إلى قوانين معقدة والعلاقات التي تحكم سلوك الإنسان في الحياة.
يبحث هذا العلم في المجتمع، ويهتم بدراسة سلوك الإنسان وتفاعله مع الآخر، مع الكثير من الفروع الاجتماعية والنفسية المرتبطة به. فهناك مجالات عديدة مرتبطة بها؛ منها علم النفس العملي، علم النفس الصناعي، علم النفس التربوي، علم النفس التوجيهي، وعلم النفس الاجتماعي الذي يعد ميداناً مهماً من ميادين علم النفس وهو علم النفس الاجتماعي الذي يعنى بدراسة الإنسان وسلوكه الاجتماعي، أو دراسة تفاعل الإنسان في المواقف الاجتماعية. فهو علم يستمد موضوعاته من الاجتماع إلى جانب كونه يستمد موضوعاته من علم النفس، لذلك يعد علم النفس الاجتماعي هو العلم الذي يبحث في علاقات الأفراد بعضهم مع بعض، وعلاقات الجماعات بعضها مع بعض، وعلاقات الأفراد مع الجماعات، وعلاقات الجماعات بالأفراد، أي أنه علم يدرس تأثير الجماعة في الفرد وتأثير الفرد في الجماعة.
وهو أحد ميادين علم النفس العام ويبحث في السلوك والتصرفات والعلاقات الاجتماعية في بيئة اجتماعية معينة. وهذا العلم يتطرق إلى اهتماماته إلى دراسة الأفراد داخل الجماعات المختلفة، وعلاقاتهم ببعضهم البعض.
فهو علم يهتم بنطاق كبير من الموضوعات الاجتماعية بما فيها سلوكيات الجماعة والإدراك الاجتماعي، مفهوم القيادة، والسلوكيات غير المتوافقة التي تميل إلى التصرفات والمواقف المعادية مع المجتمع... العدوانية تجاه الآخرين.
إن علم النفس الاجتماعي لا يهتم فقط بدراسة أو فهم أو مشاهدة الظواهر الاجتماعية وإنما يعنى أيضًا بإدراك الإنسان للسلوكيات الاجتماعية المحيطة به وينظر إلى تفاعلاته مع الآخرين، وكلها تتجمع لكي تتسق في السلوك البشري للإنسان.
مفهوم علم النفس الاجتماعي
يرى علم النفس الاجتماعي أنه العلم الذي يسعى إلى فهم طبيعة سلوك الفرد وإدراكه بالأشخاص حوله ومدى تأثيره وتأثره بهم، وذلك من خلال نموذج للسلوكيات تتوافق مع الناس والتي تؤثر في الفرد حتى ولو كان بعيداً.
تاريخ وتطور علم النفس الاجتماعي. |
وعلى هذا يقوم علم النفس الاجتماعي بدراسة السلوك وطريقة والأساليب العلمية في ظل تفاعل الشخصيات المختلفة، فالأسلوب هو نتاج العامل الفردي في ظل تفاعلاته المختلفة بغيرات سلوكاته الداخلية كطريقة شخصية أو مؤشرات خارجية.
يمكن تقسيم التطور التاريخي لعلم النفس الاجتماعي إلى الفئات الثلاث التالية.
المرحلة الأولية
تم تطوير علم النفس الاجتماعي بشكل أساسي بواسطة علماء الاجتماع وعلماء النفس وعلماء الأنثروبولوجيا الثقافية.
فترة الظهور كحقل مستقل
يبدو أن السنوات بين 1908 و1924 تعتبر كفترة ظهر فيها علم النفس الاجتماعي كحقل مستقل من الدراسة. كل من هذه التواريخ تمثل سنوات نُشرت فيها نصوص مهمة تحتوي على مصطلح علم النفس الاجتماعي في عناوينها.
منشورات ومؤلفون
1. كتب مكدوجال عن السلوك الاجتماعي والغرائز في عام 1908.
2. نشر ألبورت كتابًا عن السلوكيات الاجتماعية في عام 1924.
3. نشر كيمبل يونغ كتابين عن علم النفس الاجتماعي في عامي 1924 و1930.
مرحلة النضوج
مع منشورات كيمبل يونغ، بدأ علم النفس الاجتماعي حياة جديدة حيث تم تناول موضوعات وقضايا جديدة ومثيرة للاهتمام في نطاق الدراسة. يمكن تقسيم مرحلة النضوج إلى الفئات التالية:
حقبة الثلاثينيات
أبرز التطورات التي حدثت:
1. قام ثيرستون وليكرت بتقديم مقياس لقياس المواقف في عام 1932.
2. قدم مورينو طريقة السوسيومترية في عام 1934.
3. بدأ مظفر شريف بدراسة المعايير الاجتماعية في عام 1935.
4. في عام 1936، تأسست أول منظمة لعلماء النفس "جمعية دراسة القضايا الاجتماعية" والتي كان مبدأها الأساسي هو استخدام مبادئ علم النفس الاجتماعي لصالح الناس العاديين.
من الأربعينيات إلى الخمسينيات
بعد الحرب العالمية الثانية، بدأ علم النفس الاجتماعي في التقدم مرة أخرى. خلال هذه العقود، حدثت التطورات التالية:
1. موضوعات محورية مهمة: أحد الموضوعات المهمة، خاصة في عام 1950، كان تأثير المجموعات والانتماء إلى مجموعة على السلوك الفردي. وركز موضوع آخر على العلاقة بين مختلف السمات الشخصية والسلوك الاجتماعي.
2. نظرية التنافر المعرفي: ربما كان الحدث الأهم في هذه الفترة هو تطوير نظرية التنافر المعرفي.
حقبة الستينيات
- خلال هذه الفترة، كانت المواضيع الرئيسية التي حظيت باهتمام كبير هي الجاذبية والحب، العدوان والعنف، الإدراك الاجتماعي والتبادل الاجتماعي.
حقبة السبعينيات
- خلال هذه الفترة، حدثت الأمور التالية:
- الإدراك الاجتماعي وتأثير العوامل البيئية. العديد من المواضيع الجديدة التي حظيت باهتمام أكبر خلال السبعينيات كانت الإدراك الاجتماعي، الإسناد وتأثير العوامل البيئية مثل الحرارة، الضوضاء والازدحام على السلوك الاجتماعي، والفروق بين الجنسين.
حقبة الثمانينيات إلى التسعينيات
- تطبيق المعرفة النفسية الاجتماعية. خلال هذه العقود، تم التركيز على تطبيق المعرفة النفسية الاجتماعية. تم تعليم العديد من الباحثين لمعرفة كيفية حل مشاكل الحياة اليومية من خلال مبادئ علم النفس الاجتماعي. خلال هذه العقود، تم تطبيق مبادئ علم النفس الاجتماعي على الصحة، التعليم والتجارة.
العصر الحالي
- في المرحلة الحالية، يمكننا رؤية الأمور التالية في مجال علم النفس الاجتماعي:
1. كموضوع كامل. في الوقت الحاضر، يعتبر علم النفس الاجتماعي موضوعًا كاملاً. يساهم في رفاهية البشرية ويساهم في مجالات المعرفة الأخرى أيضًا.
2. التقدم في منهجية البحث. علم النفس الاجتماعي في مجال البحث قد تقدم كثيرًا. الكمبيوتر هو نعمة في هذا الصدد وهذا الموضوع يتحسن بشكل كبير.
في الختام، يمكننا القول أن علم النفس الاجتماعي قد شهد تطورًا كبيرًا عبر العقود، بدءًا من التركيز على تأثير الجماعات على السلوك الفردي في الستينيات، مرورًا بدراسة الإدراك الاجتماعي والعوامل البيئية في السبعينيات، وصولًا إلى تطبيق المعرفة النفسية الاجتماعية في مجالات متعددة خلال الثمانينيات والتسعينيات. في العصر الحالي، أصبح علم النفس الاجتماعي موضوعًا متكاملًا يساهم بشكل كبير في رفاهية البشرية وتقدم البحث العلمي. إن التقدم في منهجية البحث واستخدام التكنولوجيا الحديثة قد ساهم في تعزيز فهمنا للسلوك الاجتماعي وتطبيقاته في الحياة اليومية.