📁 آخر الأخبار

مدخل إلى نظرية المعرفة - أحمد الكرساوي

مدخل إلى نظرية المعرفة - أحمد الكرساوي

مقدمة 

يمثل هذا الكتاب مدخلًا مناسبًا لنظرية المعرفة، ورصدًا لأهم المذاهب الفلسفية تجاه مباحثها، وبيانًا للموقف الصحيح من مسائلها، بصورة موجزة مبسطة تناسب المبتدئ، بحيث تكون له المقدرة بعد ذلك على التوسع والبحث والتأمل.
ومن أهم مباحث الفلسفة التي ينبغي الاهتمام بها مبحث نظرية المعرفة الذي يعتبر أساس الفلسفة كما يرى ديكارت، فنظرية المعرفة تمثل الأصل الذي تقوم عليها شتى المذاهب الفلسفية، فكل فيلسوف وكل مذهب لابد أن يرتكز على أصل معرفي يقيم عليه فلسفته، ولذلك رأيت أن أضع لها مدخلاً يقرب مسائلها ويرتبها ترتيباً مثمراً، وقد حرصت فيه على الوقوف على الأطر والمبادئ الأساسية في نظرية المعرفة دون التعرض لتفاصيل مسائلها، فإن هذا الموضوع واسع الأطراف، وحق كل مذهب من المذاهب المذكورة فيها أن يُبسط في رسائل خاصة، وآمل أن يتمكن القارئ المبتدئ بعد قراءة هذا المدخل من فهم الموضوعات الرئيسية التي تناقش في نظرية المعرفة، وأن يلم بمسائلها إلماماً يمكنه بعد ذلك من التوسع في هذا المبحث.

كتاب مدخل إلى نظرية المعرفة.pdf
كتاب مدخل إلى نظرية المعرفة.

وقد قسمت هذا المدخل إلى تمهيد وثلاثة فصول: ففي التمهيد تحدثت عن تعريف الفلاسفة للمعرفة بدءاً من أفلاطون الذي كان أول من ناقش هذه المسألة إلى جيتير الذي فتح المجال بنقده للتعديل والإضافة على التعريف الثلاثي للمعرفة، كما تحدثت عن تاريخ نظرية المعرفة وأول ظهورها والمسائل التي تركز البحث حولها في كل عصر، والوقت الذي أصبحت فيه نظرية متكاملة.
وفي الفصل الأول تحدثت عن أول مسائل نظرية المعرفة ظهوراً وهي مسألة إمكان المعرفة والتي تبحث في الجواب عن السؤال التالي : هل هناك حقائق مطلقة وثابتة؟ وإذا كانت موجودة فهل في قدرة الإنسان الوصول إليها؟.
وفي الفصل الثاني تحدثت عن مسألة مصادر المعرفة وطرق تحصيلها والأدوات الموصلة لها، وعلاقة هذه المصادر بعضها ببعض.
وفي الفصل الثالث تحدثت عن مسألة طبيعة المعرفة والعلاقة بين قوى الإدراك بالشيء المدرك.

تمهيد ما المعرفة

من أولى المشكلات التي تواجهنا في نظرية المعرفة تتمثل في البحث عن تعريف صائب للمعرفة، وأول من بحث هذه المشكلة هو الفيلسوف اليوناني أفلاطون (٣٤٧ ق.م)، وذلك في محاورة ثياتيتوس التي تدور برمتها حول البحث عن تعريف للمعرفة من خلال مناقشة مجموعة من الأسئلة قبيل: ما المعرفة؟ وما الفرق بين المعرفة والرأي الصائب؟ وما هي الشروط التي يجب أن تتوافر في المعرفة؟ ويناقش أفلاطون هذه الأسئلة من خلال حوار يدور بين ثلاثة أشخاص هم سقراط وثيودوروس وثياتيتوس، وتبدأ المحاورة عندما يطرح سقراط على ثياتيتوس السؤال التالي : ماهي المعرفة؟ فيقدم ثياتيتوس ثلاث تعريفات، أولها أن المعرفة الإحساس، لكن سقراط يعترض على هذا التعريف بأنه منسوب إلى السوفسطائيين الذين يقولون أن الإنسان مقياس كل شيء، وإحساس كل فرد مغاير لإحساس الآخر وبالتالي
هي لا يمكن أن تكون هناك حقيقة متفق عليها، فلو كانت المعرفة هي الإحساس لتعددت الحقيقة بتعدد الأشخاص. كما أن الإنسان تكون لديه معرفة فى حالة تذكر أمر معين سبق له أن التذكر لا يعد إحساساً .


الإحساس به مع وبعد ذلك يطرح ثياتيتوس تعريفاً آخر فيقول أن المعرفة هي الحكم الصادق، لكن سقراط يرفض هذا التعريف لأن الإنسان قد يعتقد الصدق في حكم معين لكنه مع ذلك خاطئ. ثم يضيف ثياتيتوس شرطاً آخر للتعريف الثاني فيقول أن المعرفة هي الحكم الصادق المؤيد بالبراهين، إلا أن هذا الشرط عند سقراط لا يضيف شيئاً جديداً فالحجج المقدمة لتأييد الرأي قد تكون خاطئة أيضاً، وهكذا تنتهي المحاورة بنتيجة سلبية لأن سقراط كان يهدف من مناقشة ثياتيتوس أن يعمل عقله وينمي ملكة التفكير لديه وألا يدعي المعرفة بما لا يعرف، وفي ذلك يقول: «فإذا حاولت بعد كل ذلك ياثياتيتوس أن تتصور من جديد وتصورت فإنك سوف تمتلئ بأفكار أفضل بعد أن تطهرت بالبحث الحالي أما على العكس من ذلك إن بقيت خالياً من الأفكار فإنك سوف تكون أخف ظلاً على من ترافقهم وأكثر تهذيباً لأنك بحكمة ما لن تتخيل مطلقاً أنك تعرف ما لا تعرف إن في هذا وحده تتلخص كل قوة في، ولست أعرف شيئاً مما تعرفه كل هذه العقول الفذة أيامنا هذه وفيما سبق.
وقد اتفق أغلب الابستمولوجيين بعد ذلك على تعريف المعرفة بأنها : الاعتقاد الصادق المسوغ»، وبات يعرف هذا التعريف بـ( التحليل المعياري؛ فالإنسان لا يعرف قضية إلا إذا كانت هذه القضية صادقة واعتقد بها، وكانت مسوغة بالنسبة له، وبذلك تقوم المعرفة على ثلاثة أركان هي :
١ - الاعتقاد .
٢ - والصدق .
٣ ـ والتسويغ أو التبرير.

الخاتمة

في ختام هذا الكتاب يمكن أن نلخص أهم النتائج التالية :
- اتضح لنا أهمية نظرية المعرفة كمبحث فلسفي يقيم
هنا وجب عليه كل مذهب رؤاه وتصوراته تجاه الكون، ومن أن يتعرف على تلك الأصول والأسس المعرفية على كل مهتم أثناء بحثه الفلسفي.
أن أفلاطون كان أول من تعرض لبحث مفهوم المعرفة وذلك في محاورة ثياتيتوس، وبعد أن استقر تعريف المعرفة على أنها الاعتقاد الصادق المسوغ) جاء جيتير في القرن العشرين وأثار عدة إشكالات حول هذا التعريف.
أن كتب المتقدمين لم تكن تخلو من مباحث نظرية المعرفة إلا أن تلك الكتب كانت تفتقد للترتيب والاستيعاب، ولم يتوسع البحث فيها إلا في العصر الحديث.

تحميل كتاب مدخل إلى نظرية المعرفة.pdf

تعليقات