دروس مقياس مدخل إلى الفلسفة: مراحل تطور الفلسفة
تمهيد
تعني كلمة psyche logos اليونانية الأصل علم النفس متكونة من شقين: psyche و هو ما يعادله النفس أو الروح و logos أي العلم، لكن احتفظ هذا العلم بمصطلح النفس لأن الروح من اختصاص الله سبحانه و تعالى و هو ما يسمى بالنفخة الروحية souffle spiritual، قبل الميلاد بوقت طويل علم النفس و سائر العلوم الأخرى كانت تندرج ضمن راية الفلسفة، فعلم النفس كان يدرس الروح من حيث الوجود والخلود و مصيرها بعد الموت، اعتبرها بعض الفلاسفة مادة مثل الهواء لكنها بلغت حدًا متطورا من الرقة والشفافية، وعلم النفس عبارة عن استمرارية متطورة للمعرفة الانسانية، وآخر العلوم المستقلة عن الفلسفة، مر بمراحل عديدة و هي:
دروس مقياس مدخل إلى الفلسفة: مراحل تطور الفلسفة |
1/- المرحلة الفلسفية:
تنحصر بين عصور ما قبل الميلاد و عصر النهضة القرن (17) ، كان الهدف الأسمى لعلم النفس و بقية العلوم تفسير نظام الكون بأسره عن طريق التأمل، الحدس، الإلهام و الوحي..إلخ ازدهرت هذه المرحلة في الحضارة اليونانية و ظهر خلالها اتجاهين:
أ- الاتجاه العقلي:
ينص هذا التيار على أن فهم حقيقة الوجود يتم من خلال القوانين و التعميمات كما يرى fitagons (فيتاغورس)، أما aristot أرسطو) يرى أن النفس والروح عبارة مجموعة وظائف حيوية لدى الكائن الحي، وبها يختلف عن الجماد و الحالات النفسية عبارة عن نتيجة لتفاعل هذه العمليات الجسمية فيما بعضها، فترتب عن هذا النمط التفكيري انه لم يعد من الضروري البحث عن تفاسير للحالات النفسية و الانفعالية خارج نطاق الإنسان، فيعتبر أرسطو من الأوائل الذين أسسوا علم النفس.
ب الاتجاه الحسي:
يقر هذا الاتجاه الفكري بأن المدركات الحسية أساس النشاط الإنساني، يقول ديمقراطيس أن الذرة أساس الحياة و المعرفة تتم عن طريق الذرات التي تنطيع على الهواء تم العين ثم إلى المخ، حيث تتفاعل معه ثم تنتج الأفكار، تميز هذه المرحلة بتأثر فلاسفة المسلمون و اليونانيون، فحاولوا التوفيق بين الدين و الفلسفة، يقول جيمس كولمان أن بين حضارات العصور الوسطى لم يكن هناك غير العرب من استطاعوا تطوير الأفكار العلمية حول الأمراض العقلية، حيث أنشأت مصحة عقلية ببغداد سنة (792 هـ) تم في دمشق ثم في سائر البلدان العربية، في حين كانت الدول المسيحية في ركود ثقافي علمي فالمرضى كانوا يُحرقون أو يلقون في أقبية مهجورة، لكن تبقى هذه إشارات لمحاولة
انفصال علم النفس عن الفلسفة.
2- مرحلة التطور الفلسفي :
في القرن السابع عشر جاءت فكرة العالم المتناهي المنتظم كبديل لفكرة عالم اللامتناهي، فأصبح العقل غير مجبر على تقبل الحقائق دون تفحصها و التدقيق فيها ، أصبح يؤخذ في عين الإعتبار بما توصلت إليه البحوث في مختلف العلوم، بدأت المسلمات القديمة في الإنهيار، أصبح الباحثون ينتبون في بحوثهم و مقارباتهم للظواهر طرق لجمع البيانات والمعلومات و مناهج علمية كتنظيم الملاحظات البدايات الجادة كانت مع "ديكارت" الفيلسوف الفرنسي الذي عاش بين 1596 1650 رائد الاتجاه العقلي (الفلسفة العقلية الذي أعطى حلا لقضية علاقة العقل بالجسم إذ يقول أنها علاقة تفاعل ميكانيكي في الغدة الصويرية، فالإنسان حسب ديكارت آلة معقدة تنشطها عدة منبهات مثل الصوت، الضوء...إلخ و انقسمت هذه المرحلة بدورها إلى اتجاهين:
أ- الإتجاه العقلي:
تأثر أصحابه بأفكار ديكارت و من رواده تجد ليستر بألمانيا الذي يقول أن المدركات الحسية ليست كافية للمعرفة، إنما العلاقات بين هذه العناصر هي أساس المعرفة شريطة أن يكون مستوى معين من النضج، أثر ذلك على علم النفس المعرفي، كما نادت الجاشطالت (مدرسة ألمانية في علم النفس المعرفي) بمبدأ العلاقة بين المتغيرات.
ب - الاتجاه الجنيبي:
تأثر رواده بأرسطو و يتطور الفيزيولوجيا الحيتية، برز هذا الإتجاه في إنجلترا وفرنسا، من أعلامه نجد هيز جون لوك الذي يقول أن الطفل يولد صفحة بيضاء، تنقش عليها من الخبرات ما نشاء، جيمس ميل و أبيه جون ستيوارت میل و ديفيد هيوم ..إلخ.
3- مرحلة الاستقلال العلمي :
حدثت تطورات في عصر النهضة مما جعلت إمكانية إستقلال علم النفس عن الفلسفة و من بين هذه التطورات ما يلي: التطور العلمي الذي أحدث ثورة كبيرة في أوروبا عامة و فرنسا على وجه الخصوص، مما أثر مباشرة على الحياة الإجتماعية و الإقتصادية، وحدد من نشاط الكنيسة، و ظهرت مناهج.