📁 آخر الأخبار

السلوك الاجرامي لدي البشر

السلوك الاجرامي لدي البشر

الجريمة ظاهرة اجتماعية وخلقية وسياسية واقتصادية قبل ان تكون حالة قانونية. وانطلاقاً من هذا المفهوم نرى أنها عبارة عن تعبير للموازنة بين صراع القيم الاجتماعية والضغوط المختلفة من قبل المجتمع. فالإجرام نتيجة لحالة الصراع بين الفرد والمجتمع. وقد كان مفهوم الجريمة قديماً يعزى إلى نفس المجرم الشريرة وان الانتقام هو الأساس في رد فعل السلوك الإجرامي.

أما من الناحية القانونية فهي كل فعل مخالف لأحكام قانون العقوبات باعتباره هو الذي يتضمن الأفعال المحرمة ويحدد مقدار عقوبتها ولما كانت الجريمة بطبيعتها عملا ضارا بالمجتمع لذا شرعت الهيئة الاجتماعية عقابا على مرتكبيها. ... فهل يستحق مرتكبي الجرائم الشفقة ام العقاب ؟؟؟؟

السلوك الاجرامي لدي البشر
السلوك الاجرامي لدي البشر

ترجع بعض الدراسات اسباب نشوء الانحراف الاجرامي في السلوك البشري الى عوامل اجتماعية تتمثل في مجموعة الظروف التي تحيط بشخص معين تميزه عن غيره من الناس ..وهؤلاء هم أفراد أسرته ومجتمعه ومدرسته والأصحاب والأصدقاء الذين يختارهم فهل هذا كاف لانتاج سلوك منحرف ؟؟؟

أما من وجهة نظر العلماء فلهم تعاريف أخرى فعالم الاجتماع الفرنسي إميل دور كهاريم يعرف الجريمة على أنها ظاهرة طبيعية تمثل الضريبة التي يدفعها المجتمع ويتحمل الفرد آثارها.

ويعتقد سذرلاند ان الجريمة سلوك تحرمه الدولة لضرره بها ويمكن ان ترد عليه بعقوبة، أما العالم (وليم بونجيه) فيرى ان الجريمة هي فعل يقترف داخل جماعة من الناس تشكل وحدة اجتماعية وتضر بمصلحة المجتمع ويعاقب عليه بعقوبة اشد قسوة من مجرد رفضها القانوني.

أما العالم تارد فيقول عن الجريمة أنها تتكون من الظواهر الاجتماعية الأخرى وتتأصل في المجتمع عن طريق (التقليد والمحاكاة) فلهذين العاملين أهمية كبرى في المجتمعات من حيث ممارسة العادات والتقاليد عن طريق عاملين (التقليد والمحاكاة).

عرف العالم كارفو الجريمة على أنها: عمل ضار وبذات الوقت يجرح المشاعر التي اتفق على تسميتها بالمشاعر الأدبية لجموع الناس.

فهل يمكننا الاستنتاج ان الجريمه حالة طبقية ايضا ... الكل يجرم ولا يعاقب سوى ذاك الذي لا يحميه قانون او سلطة ؟؟؟

ننتقل الى مجال اخر هو المجرم منذ الولادة

اول من وضع اساس هذا العلم هو العالم الايطالي الشهير Cesare Lambroso ولد لومبروزو في فيرونا Vérone في نوفمبر من عام 1835 وتوفي عام 1909

تمثل نظريته حجر الزاوية لكافة المذاهب البيولوجية والتكوينية التي اتت من بعده حول تفسير السلوك الاجرامي ... كما ان افكاره تمثل عصب الفلسفة الوضعية في الفكر العقابي والسياسة الجنائية.

مضمون نظرية لومبروزو :

وتقوم نظرية لومبروزو على أساس أن هناك أشخاصاً يتميزون بخصائص جسدية وملامح عضوية خاصة وسمات نفسية معينة ، وأن هؤلاء الأشخاص ينقادون إلى الجريمة بتأثير العوامل الوراثية ويندفعون إلى الإجرام بحكم تكوينهم البيولوجي ، اندفاعاً حتمياً. لا يكون حياله من سبيل للعلاج سوى استئصاله من المجتمع. ولا يخفى تأثر لومبروزو في ذلك بأفكار داروين عن التطور والارتقاء التي عرض لها في كتابه الأشهر "أصل الأنواع" عام 1859 ، والذي يؤكد فيه أن الإنسان هو استمرار لسلفه الحيواني ، أو أن الإنسان هو أخر حلقة من حلقات تطور الخلية الحية الأولى.

وهكذا فلدى لومبروزو أن الإنسان المجرم هو الذي يحتفظ عن طريق الوراثة بالخصائص الأنثروبولوجية والبيولوجية المماثلة للإنسان البدائي ، فتدفعه دفعاً إلى سلوك سبيل الجريمة ، أي أن المجرم مجبر على ارتكاب الجريمة ، فهو مجرم بالميلاد Criminel né أو بالطبع. أي أن السلوك الإجرامي يقوم لديه على فكرة الحتمية البيولوجيةDéterminisme biologique ، التي تعود إلى انحطاط في الأصل Dégénérescence ، أي توافر صفات تشريحية وعقلية ونفسية وعلامات ارتدادية Atavisme في شخص المجرم تطابق ما كان عليه الإنسان في العقود السحيقة ، تؤدي إذا ما توافرت في شخص معين إلى دفعه – بلا اختيار – إلى السقوط في هوة الجريمة.

ولقد كانت نقطة البدء لدى لومبروزو عندما شرع في تشريح جثة قاطع طريق في جنوب إيطاليا يدعى فيليلا Vilella ، إذا اكتشف وجود تجويف في مؤخرة جمجمته Facette Occipitale شبيه بالتجويف الذي يوجد لدى بعض الحيوانات المتوحشة والقردة ولدى بعض الثدييات الدنيا Mammifères inférieurs. وقد استنتج من ذلك أن المجرم يتمتع بشذوذ جسماني يرتد به إلى صفات وخصائص الإنسان الأول وأن هذا الشذوذ هو الذي يفسر إجرامه ، بل ويجعله منقاداً على نحو حتمي إلى سلوك سبيل الجريمة.

ومن بعد تناول لومبروزو بالفحص حالة مجرم خطير يدعى فيرسيني Verseni اتهم بقتل نحو عشرين من النساء بطريقة وحشية ، حيث كان من عادته أن يمثل بجثثهم بعد قتلهم ، ويشرب من دمائهم ثم يقوم بدفنهم في أماكن خصصها لذلك. وقد لاحظ عليه لومبروزو وجود علامات خاصة مثل التي كانت توجد لدى الإنسان البدائي والحيوانات الدنيا والمتوحشة.

سمات الارتداد لدى لومبروزو :

خلص لومبروزو من دراسته لتلك الحالات إلى أن للمجرم الصفات التشريحية والنفسية ومظاهر قسوة التي كانت توجد لدى الإنسان البدائي والحيوانات المتوحشة ، تدفعه إلى الجريمة على نحو حتمي وبحكم تكوينه البيولوجي والعضوي. فالمجرم هو نوع من البشر يتميز بمظاهر جسمانية شاذة وسمات نفسية معيبة يرتد بها إلى الأصول الأولى للإنسان في العصور الغابرة.

وقد عدد لومبروزو مظاهر هذا الارتداد أو الرجعة الإجرامية ، فذكر منها انحدار الجبهة ، وضيق تجويف عظام الرأس ، بروز عظام الوجنتين ، وغزارة في شعر الرأس والجسم ، وقلة شعر اللحية ، وطول مفرط في الذراعين والأصابع ، ضخامة الفكين ، والشذوذ في حجم الأذنين وفرطحتها ، والشذوذ في تركيب الأسنان ، وانعكاف الأنف وفرطحتها ، والبلوغ الجنسي المبكر. وقد اشترط لومبروزو وجود خمس علامات على الأقل من علامات الارتداد كي يصبح الإنسان مجرماً بالفطرة.

وقد وجه لومبروزو بعض أبحاثه محاولاً أن يجمع الصفات العضوية الخاصة التي توجد لدى طوائف المجرمين من السارقين والقتلة ومحترفي الدعارة ومغتصبي النساء.

ولا يقف الأمر لدى لومبروزو عند حد توافر سمات ارتدادية خاصة بالمجرم ، وإنما قرر من واقع بحوث لاحقة أن هناك علاقة وثيقة بين الإجرام وبين التشنجات العصبية أو الصرع. ولقد كان دليله في ذلك حالة الجندي ميسديا Misdea الذي كان مريضا بالصرع. فقد حدث في عام 1884 أن طارد هذا الجندي فجأة – بعد عدة سنوات قضاها في الجيش وكان مسلكه منضبطاً - ثمانية من رؤسائه وزملائه وقتلهم ، ثم سقط فاقد الوعي اثني عشر ساعة لمجرد أن أحدهم سخر من مقاطعة كلابريا التي ينتمي إليها. ولما أفاق من جريمته لم يتذكر شيئا مما حدث. وخلص لومبروزو من ذلك إلى أن هناك صلة بين الإجرام وبين التشنجات العصبية المصاحبة للصرع ، التي من شأنها أن تدفع المجرم إلى ارتكاب أفعال تتسم بالعنف ربما دون أن يدري عنها شيئاً.

بل أن لومبروزو قد كشف في الطبعة الثانية لمؤلفه الإنسان المجرم عام 1897 عن أن هناك عدد من الصفات النفسية والملامح السلوكية الخاصة التي تميز المجرم عن غيره من الأفراد. من تلك الصفات ضعف الإحساس بالألم - الذي كشف عنه كثرة وجود الوشم على أجسام المجرمين - الغرور ، انعدام الشعور بالشفقة ، سهولة الاستثارة والاندفاع ، الكسل واللامبالاة ، الشعور بعدم الاستقرار ، ضعف الوازع الأخلاقي ، عدم الشعور بالذنب.

تصنيف المجرمين عند لومبروزو :

لقد تعرضت أفكار لومبروزو أبان ظهورها لنقد شديد خاصة فيما يتعلق بفكرة الارتداد ، وتمسكه بالمجرم بالميلاد أو بالفطرة كنمط إجرامي وحيد بين المجرمين ، إذ من الصعب جمع كافة المجرمين تحت نموذج واحد. وقد دفع هذا النقد لومبروزو إلي أن يطور من نظريته ، فقام باستبعاد المجرم بالميلاد وأضاف طوائف أخرى من المجرمين ، وانتهى إلى اعتماد تصنيف سداسي للمجرمين يضم الفئات الآتية :

- المجرم المجنون Criminel fou ou aliéné :

وهو الشخص الذي يرتكب الجريمة تحت تأثير المرض العقلي. وقد أدخل لومبروزو في هذه الطائفة المجرم الهستيري Criminel hystérique ومدمن الخمر والمخدرات.

- المجرم الصرعيCriminel épileptique :

هذا النمط يضم من يرتكب الجريمة تحت تأثير الصرع الوراثي ، الذي ينتقل عادة عند الولادة ، ويؤدي إلى ضمور في بعض العضلات ويؤثر على الأعصاب ويحد من الوظائف النفسية. وقد تتطور حالة المريض بالصرع فتؤثر على حالته العقلية بسبب استعداده الخاص للاضطرابات العقلية فينقلب إلى مجرم مجنون.

- المجرم السيكوباتي (المجنون خلقياً) Criminel psychopathique

وهو الشخص الذي ينعدم لديه القدرة على التكيف مع المجتمع ، فيبدأ بالتصادم معه في صورة خرق القوانين وارتكاب الجرائم.

- المجرم بالعاطفة Criminel par passion :

وهو مجرم يتصف بحدة المزاج وبالحساسية المفرطة وسرعة الانفعال وجموح العاطفة. يندفع إلى تيار الجريمة تحت تأثير حب شديد أو حقد أو غيرة أو استفزاز ...الخ. وغالبا ما تكون جرائمه من نوع الجرائم السياسية وجرائم الاعتداء على الأشخاص. وسرعان ما يندم عقب ارتكاب جريمته ، لذا غالباً ما يسارع إلى تعويض الضرر الناتج عن الجريمة ، أو تغيير محل إقامته كي يبتعد عن مكان الجريمة أو الاتصال بالمجني عليه. وقد يقدم على الانتحار عقب جريمته.

- المجرم المعتاد Criminel d’habitude :

وهو نمط من المجرمين يولد من دون أن تتوافر لديه علامات الارتداد أو صفات وخصائص المجرم المجنون أو بالميلاد ، إلا أنه يندفع إلى ارتكاب الجريمة تحت تأثير ظروف بيئية واجتماعية معينة ، كإدمان الخمر ، البطالة ، الفقر ، أواختلاطه بمحترفي الإجرام منذ الصغر. فهو مجرم بالاكتساب وليس بالميلاد. ويغلب أن تكون جرائمه بسيطة من نوع جرائم الاعتداء على الأموال ، وكثيراً ما ينجح السجن في تهذيبه وتقويمه ويدفعه إلى الإقلاع عنها.

اقرأ أيضا 

تحميل كتاب علم الإجرام المعاصر . pdf

تعليقات