بيتريم سوروكين عالم الاجتماع الروسي الأمريكي الذي تحدى التيار
بيتريم سوروكين (1889-1968) كان عالم اجتماع روسي أمريكي، اشتهر بنظرياته حول التغير الاجتماعي والديناميكيات الثقافية. عاش حياة مليئة بالتقلبات، من بداياته المتواضعة في روسيا الريفية إلى صعوده كعالم اجتماع بارز في الولايات المتحدة. كانت أعماله غزيرة التأثير، ولا تزال تثير النقاش والدراسة حتى اليوم.
بيتريم سوروكين (1889-1968) |
من الثورة إلى المنفى السنوات الأولى
وُلد سوروكين في قرية صغيرة في شمال روسيا لعائلة من الفلاحين. على الرغم من نشأته الفقيرة، أظهر سوروكين ذكاءً مبكرًا وشغفًا بالتعلم. التحق بجامعة سانت بطرسبرغ، حيث درس علم الاجتماع والقانون. انجذب سوروكين إلى الحركات الثورية التي كانت تجتاح روسيا في ذلك الوقت، وانضم إلى حزب العمل الاشتراكي الثوري. أدت أنشطته السياسية إلى اعتقاله وسجنه عدة مرات من قبل الحكومة القيصرية.بعد ثورة فبراير عام 1917، لعب سوروكين دورًا نشطًا في الحكومة المؤقتة. ومع ذلك، مع استيلاء البلاشفة على السلطة في ثورة أكتوبر، وجد سوروكين نفسه على خلاف مع النظام الجديد. انتقد علنًا سياسات البلاشفة، مما أدى إلى اعتقاله وحُكم عليه بالإعدام. لحسن حظه، تم تخفيف الحكم في اللحظة الأخيرة، وتم إطلاق سراحه في عام 1922 بشرط مغادرته روسيا.
بناء حياة جديدة في أمريكا المسيرة الأكاديمية
هاجر سوروكين إلى الولايات المتحدة في عام 1923، وسرعان ما أثبت نفسه كعالم اجتماع بارز. انضم إلى هيئة التدريس بجامعة مينيسوتا، حيث أسس قسم علم الاجتماع. في عام 1930، انتقل إلى جامعة هارفارد، حيث أسس قسم علم الاجتماع هناك أيضًا. بقي في هارفارد حتى تقاعده في عام 1959.خلال مسيرته الأكاديمية، كتب سوروكين عشرات الكتب والمقالات التي غطت مجموعة واسعة من الموضوعات في علم الاجتماع، بما في ذلك التغير الاجتماعي، والطبقات الاجتماعية، والحراك الاجتماعي، والثورة، والحرب، والعلاقات العرقية.
أفكار رئيسية ونظريات تحدي الوضع الراهن
اشتهر سوروكين بنظريته حول "ديناميكيات الثقافة"، والتي جادل فيها بأن المجتمعات تمر بدورات ثقافية طويلة الأمد. حدد ثلاثة أنماط ثقافية رئيسية:النمط الحسي: يركز هذا النمط على القيم المادية والملذات الحسية.
النمط المثالي: يركز هذا النمط على القيم الروحية والأخلاقية.
النمط العقلي: يعتقد هذا النمط أن الحقيقة يمكن اكتشافها من خلال العقل والمنطق.
جادل سوروكين بأن المجتمعات الغربية كانت في مرحلة انتقالية من النمط الحسي إلى النمط المثالي. رأى أن هذا التحول سيؤدي إلى مجتمع أكثر عدالة وسلامًا.
انتقد سوروكين بشدة الاتجاهات المادية في المجتمع الغربي، وحذر من عواقبها المدمرة. دعا إلى العودة إلى القيم الروحية والأخلاقية كأساس لبناء مجتمع مستدام.
إرث دائم تأثير على علم الاجتماع
كان لبيتريم سوروكين تأثير عميق على تطور علم الاجتماع. تحدت نظرياته المبتكرة وجرأته في انتقاد الوضع الراهن التفكير السائد في عصره ولا تزال تثير النقاش والجدل حتى اليوم.على الرغم من تعرض بعض نظرياته للنقد بسبب افتقارها إلى الأدلة التجريبية، إلا أن إسهاماته في علم الاجتماع لا يمكن إنكارها. لقد كان رائدًا في دراسة التغير الاجتماعي والديناميكيات الثقافية، وأعماله فتحت آفاقًا جديدة للبحث والتحليل.
إرث سوروكين يتجاوز حدود علم الاجتماع. لقد كان مفكرًا إنسانيًا عميقًا دافع عن السلام والعدالة الاجتماعية.