النماذج الفلسفية للبحث العلمي
يُعرف البحث العلمي بأنه عملية منظمة لجمع المعلومات وتحليلها بهدف الوصول إلى معرفة جديدة أو تحسين فهمنا للمعرفة الموجودة. تعتمد هذه العملية على مجموعة من الافتراضات الفلسفية حول الطبيعة والمعرفة والواقع.
تُعرف المدارس الفلسفية للبحث العلمي بأنها مجموعة من الافتراضات الفلسفية التي تحدد طبيعة وأهداف وطرق البحث العلمي. هناك العديد من المدارس الفلسفية للبحث العلمي، كل منها تستند إلى مجموعة من الافتراضات المختلفة.
المدرسة الوضعية
تُعرف المدرسة الوضعية بأنها المدرسة الفلسفية الأولى للبحث العلمي، وقد ظهرت في القرن التاسع عشر. تستند هذه المدرسة إلى فكرة أن المعرفة العلمية يجب أن تكون مبنية على الملاحظة والتجربة. وترى أن الحقيقة العلمية هي حقيقة موضوعية يمكن الوصول إليها من خلال البحث العلمي.
المدرسة التفسيرية
تُعرف المدرسة التفسيرية بأنها مدرسة فلسفية ظهرت في القرن العشرين، وتركز على دراسة المعنى والفهم في البحث العلمي. ترى هذه المدرسة أن المعرفة العلمية لا يمكن أن تكون مجرد وصف للواقع، بل يجب أن تتضمن أيضًا تفسيرًا لهذا الواقع.
المدرسة الماركسية
تُعرف المدرسة الماركسية بأنها مدرسة فلسفية ظهرت في القرن التاسع عشر، وتستند إلى أفكار كارل ماركس. ترى هذه المدرسة أن المعرفة العلمية لا يمكن أن تكون محايدة، بل يجب أن تعكس مصالح المجموعات المهيمنة في المجتمع.
المدرسة النسوية
تُعرف المدرسة النسوية بأنها مدرسة فلسفية ظهرت في القرن العشرين، وتركز على دراسة دور المرأة في المجتمع. ترى هذه المدرسة أن المعرفة العلمية تعكس التحيز الذكوري، وأنها يجب أن تعيد النظر في افتراضاتها وطرقها.
المدرسة ما بعد البنيوية
تُعرف المدرسة ما بعد البنيوية بأنها مدرسة فلسفية ظهرت في القرن العشرين، وتشكك في الافتراضات الأساسية للفلسفة الوضعية. ترى هذه المدرسة أن الحقيقة العلمية ليست حقيقة موضوعية، بل هي نتاج السياق الاجتماعي والثقافي.
المدرسة البراغماتية
تُعرف المدرسة البراغماتية بأنها مدرسة فلسفية ظهرت في القرن التاسع عشر، وتركز على الفائدة العملية للمعرفة. ترى هذه المدرسة أن المعرفة العلمية يجب أن تكون مفيدة في حل المشكلات وتحسين حياة الناس.
المقارنة بين المدارس الفلسفية للبحث العلمي
يمكن مقارنة المدارس الفلسفية للبحث العلمي من خلال التركيز على أربعة جوانب رئيسية:
طبيعة المعرفة: ترى المدرسة الوضعية أن المعرفة العلمية هي حقيقة موضوعية، بينما ترى المدرسة التفسيرية أن المعرفة العلمية هي عملية تفسير للواقع، بينما ترى المدرسة الماركسية أن المعرفة العلمية تعكس مصالح المجموعات المهيمنة في المجتمع، بينما ترى المدرسة النسوية أن المعرفة العلمية تعكس التحيز الذكوري، بينما ترى المدرسة ما بعد البنيوية أن الحقيقة العلمية ليست حقيقة موضوعية، بينما ترى المدرسة البراغماتية أن المعرفة العلمية يجب أن تكون مفيدة في حل المشكلات وتحسين حياة الناس.
أهداف البحث العلمي: ترى المدرسة الوضعية أن هدف البحث العلمي هو الوصول إلى الحقيقة العلمية، بينما ترى المدرسة التفسيرية أن هدف البحث العلمي هو فهم الواقع، بينما ترى المدرسة الماركسية أن هدف البحث العلمي هو خدمة مصالح المجموعات المهيمنة في المجتمع، بينما ترى المدرسة النسوية أن هدف البحث العلمي هو إعادة النظر في افتراضات وطرق البحث العلمي من منظور المرأة، بينما ترى المدرسة ما بعد البنيوية أن هدف البحث العلمي هو نقد التحيزات في المعرفة العلمية، بينما ترى المدرسة البراغماتية أن هدف البحث العلمي هو حل المشكلات وتحسين حياة الناس.
طرق البحث العلمي: ترى المدرسة الوضعية أن الطرق العلمية هي الطرق الوحيدة للحصول على المعرفة العلمية، بينما ترى المدرسة التفسيرية أن الطرق العلمية ليست هي الطرق الوحيدة للحصول على المعرفة العلمية، بينما ترى المدرسة الماركسية أن الطرق العلمية يجب أن تعكس مصالح المجموعات المهيمنة في المجتمع، بينما ترى المدرسة النسوية أن الطرق العلمية يجب أن تعيد النظر في افتراضاتها وطرقها من منظور المرأة، بينما ترى المدرسة ما بعد البنيوية أن الطرق العلمية يجب أن تُشكك في الافتراضات الأساسية للفلسفة الوضعية، بينما ترى المدرسة البراغماتية أن الطرق العلمية هي مجرد أدوات يمكن استخدامها لتحقيق أهداف البحث العلمي.
التأثيرات على البحث العلمي
تؤثر المدارس الفلسفية للبحث العلمي على البحث العلمي من خلال تحديد طبيعة وأهداف وطرق البحث العلمي. تحدد هذه المدارس المبادئ الأساسية التي يجب على الباحثين الالتزام بها عند إجراء البحوث العلمية.
المدرسة الوضعية
أثرت المدرسة الوضعية على البحث العلمي بشكل كبير، حيث كانت هي المدرسة الفلسفية السائدة في القرن العشرين. ركزت المدرسة الوضعية على أهمية الملاحظة والتجربة في البحث العلمي، ورفضت أي شكل من أشكال التفسير أو الفهم.
أدت هذه الرؤية إلى تطوير طرق بحث علمية صارمة، مثل المنهج التجريبي والمنهج الكمي. كما أدت إلى ظهور تخصصات علمية جديدة، مثل علم النفس التجريبي وعلم الاجتماع الكمي.
المدرسة التفسيرية
أثرت المدرسة التفسيرية على البحث العلمي بشكل أقل من المدرسة الوضعية، لكنها لا تزال تحظى بقبول واسع النطاق. تركز المدرسة التفسيرية على أهمية المعنى والفهم في البحث العلمي، ورفضت الرؤية الوضعية للعلم باعتباره مجرد وصف للواقع.
أدت هذه الرؤية إلى تطوير طرق بحث علمية أكثر مرونة، مثل المنهج الكيفي والمنهج التأريخي. كما أدت إلى ظهور تخصصات علمية جديدة، مثل علم الاجتماع التفسيري وعلم النفس الكيفي.
المدرسة الماركسية
أثرت المدرسة الماركسية على البحث العلمي بشكل أقل من المدارس الفلسفية الأخرى، لكنها لا تزال تحظى بقبول واسع النطاق في بعض الدوائر. تركز المدرسة الماركسية على أهمية السياق الاجتماعي والاقتصادي في البحث العلمي، ورفضت الرؤية الوضعية للعلم باعتباره محايدًا.
أدت هذه الرؤية إلى تطوير طرق بحث علمية أكثر تركيزًا على السياق الاجتماعي والاقتصادي، مثل المنهج التاريخي النقدي والمنهج النقدي. كما أدت إلى ظهور تخصصات علمية جديدة، مثل علم الاجتماع النقدي والاقتصاد النقدي.
المدرسة النسوية
أثرت المدرسة النسوية على البحث العلمي بشكل كبير، حيث ساهمت في إعادة النظر في افتراضات وطرق البحث العلمي من منظور المرأة. ركزت المدرسة النسوية على أهمية الوعي بالنوع الاجتماعي في البحث العلمي، ورفضت الرؤية الوضعية للعلم باعتباره محايدًا.
أدت هذه الرؤية إلى تطوير طرق بحث علمية أكثر تركيزًا على الوعي بالنوع الاجتماعي، مثل المنهج النسوي والمنهج النوع الاجتماعي. كما أدت إلى ظهور تخصصات علمية جديدة، مثل علم الاجتماع النسوي والاقتصاد النسوي.
المدرسة ما بعد البنيوية
أثرت المدرسة ما بعد البنيوية على البحث العلمي بشكل أقل من المدارس الفلسفية الأخرى، لكنها لا تزال تحظى بقبول واسع النطاق في بعض الدوائر. تركز المدرسة ما بعد البنيوية على أهمية النقد والاختلاف في البحث العلمي، ورفضت الرؤية الوضعية للعلم باعتباره حقيقة موضوعية.
أدت هذه الرؤية إلى تطوير طرق بحث علمية أكثر تركيزًا على النقد والاختلاف، مثل المنهج التفكيكي والمنهج النقدي ما بعد البنيوي. كما أدت إلى ظهور تخصصات علمية جديدة، مثل الفلسفة ما بعد البنيوية وعلم الاجتماع ما بعد البنيوي.
المدرسة البراغماتية
أثرت المدرسة البراغماتية على البحث العلمي بشكل أقل من المدارس الفلسفية الأخرى، لكنها لا تزال تحظى بقبول واسع النطاق. تركز المدرسة البراغماتية على أهمية الفائدة العملية في البحث العلمي، ورفضت الرؤية الوضعية للعلم باعتباره هدفًا في حد ذاته.
أدت هذه الرؤية إلى تطوير طرق بحث علمية أكثر تركيزًا على الفائدة العملية، مثل المنهج التجريبي التطبيقي والمنهج الكمي التطبيقي. كما أدت إلى ظهور تخصصات علمية جديدة، مثل علم الاجتماع التطبيقي والاقتصاد التطبيقي.
المستقبل
لا يزال تأثير المدارس الفلسفية للبحث العلمي موضع نقاش. يعتقد البعض أن هذه المدارس قد أصبحت عفا عليها الزمن، وأن البحث العلمي يجب أن يعتمد على مبادئ جديدة. بينما يعتقد البعض الآخر أن هذه المدارس لا تزال أساسية لفهم طبيعة وأهداف وطرق البحث العلمي.
من المرجح أن تستمر المدارس الفلسفية للبحث العلمي في التأثير على البحث العلمي في المستقبل. سيستمر الباحثون في مناقشة الافتراضات الفلسفية التي تستند إليها طرقهم البحثية، وستستمر هذه المدارس في التطور استجابة للتغيرات في المجتمع والفكر العلمي.