التناول السوسيولوجي للظاهرة الاتصالية
التناول السوسيولوجي للظاهرة الاتصالية . |
يتناول التناول السوسيولوجي للظاهرة الاتصالية مجموعة من القضايا والموضوعات التي تتعلق بتأثيرات الاتصال على المجتمع والأفراد، وذلك من خلال دراسة طبيعة الاتصال وأشكاله ووسائله، وطرق التعبير وتلقي المعلومات، ودور الاتصال في تشكيل الوعي الاجتماعي وبناء المجتمعات.
من أبرز القضايا التي تتناولها السوسيولوجيا الاتصالية ما يلي:
التغير الاجتماعي والتواصل: يدرس هذا الفرع من السوسيولوجيا تأثيرات الاتصال على التغيير الاجتماعي، حيث يعتقد أن الاتصال هو أحد أهم العوامل التي تساهم في التغيير الاجتماعي، وذلك من خلال تسهيل عملية انتشار المعلومات والمعرفة، وتغيير الأفكار والسلوكيات، وتعزيز الوعي الاجتماعي.
التواصل والثقافة: يدرس هذا الفرع من السوسيولوجيا العلاقة بين الاتصال والثقافة، حيث يعتقد أن الاتصال هو أحد أهم العوامل التي تساهم في تشكيل الثقافة، وذلك من خلال نقل القيم والمعتقدات والعادات والتقاليد من جيل إلى جيل، وتعزيز التفاعل الاجتماعي بين أفراد المجتمع.
التواصل وبناء الهوية: يدرس هذا الفرع من السوسيولوجيا دور الاتصال في بناء الهوية الاجتماعية، حيث يعتقد أن الاتصال هو أحد أهم العوامل التي تساهم في تشكيل الهوية الاجتماعية، وذلك من خلال توفير المعلومات والمعرفة حول المجتمع، وتعزيز التفاعل الاجتماعي بين أفراد المجتمع.
التواصل والسلطة: يدرس هذا الفرع من السوسيولوجيا العلاقة بين الاتصال والسلطة، حيث يعتقد أن الاتصال هو أحد أهم الأدوات التي تستخدمها السلطة للحفاظ على سيطرتها، وذلك من خلال السيطرة على وسائل الإعلام وتوجيه الخطاب العام.
التواصل والمجتمع الرقمي: يدرس هذا الفرع من السوسيولوجيا تأثيرات الاتصال الرقمي على المجتمع، حيث يعتقد أن الاتصال الرقمي هو أحد أهم العوامل التي تساهم في تغيير المجتمع، وذلك من خلال تسهيل عملية التواصل بين أفراد المجتمع، وتعزيز التفاعل الاجتماعي، وتغيير أساليب الاستهلاك والإنتاج.
التحليل الوثائقي: يتم من خلال دراسة الوثائق والمصادر المتعلقة بالظاهرة الاتصالية، مثل الكتب والمقالات والتقارير والدراسات والبحوث العلمية.
الملاحظة الميدانية: يتم من خلال إجراء الملاحظات المباشرة للظواهر الاتصالية في الواقع الاجتماعي.
المقابلات الشخصية: يتم من خلال إجراء المقابلات الشخصية مع الأفراد المشاركين في الظواهر الاتصالية.
الدراسات الاستقصائية: يتم من خلال إجراء الدراسات الاستقصائية لقياس آراء واتجاهات الأفراد حول الظواهر الاتصالية.
وفي الجزائر، هناك عدد من الدراسات السوسيولوجية التي تناولت الظاهرة الاتصالية، مثل دراسة "الصحافة الإلكترونية وبناء الوعي الاجتماعي في الجزائر" لعبد العزيز مبارك، ودراسة "دور وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل الرأي العام في الجزائر" لعبد القادر جلاب، ودراسة "تأثيرات الاتصال الرقمي على الشباب في الجزائر" لرشيد نويصر.
تهدف هذه الدراسات إلى فهم تأثيرات الاتصال الرقمي على المجتمع الجزائري، وذلك من خلال دراسة دور وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل الرأي العام، وتأثيرات الاتصال الرقمي على الشباب الجزائري، ودور الاتصال الرقمي في بناء الوعي الاجتماعي.
السياق الاجتماعي للاتصال
يركز التناول السوسيولوجي للسياق الاجتماعي للاتصال على دراسة العوامل الاجتماعية التي تؤثر على الاتصال، مثل الثقافة، والطبقة الاجتماعية، والقيم، والمعايير الاجتماعية.
الثقافة: تؤثر الثقافة على الاتصال من خلال تحديد المعايير والقيم التي تحكم التفاعلات الاجتماعية. على سبيل المثال، في بعض الثقافات، يعتبر الاتصال المباشر أمرًا مهمًا، بينما في ثقافات أخرى، يعتبر الاتصال غير المباشر أكثر ملاءمةً.
الطبقة الاجتماعية: تؤثر الطبقة الاجتماعية على الاتصال من خلال تحديد الفرص المتاحة للأفراد للتواصل. على سبيل المثال، يميل الأفراد من الطبقات الاجتماعية العليا إلى الحصول على إمكانية الوصول إلى وسائل الاتصال الأكثر تقدمًا، مثل الإنترنت والتلفزيون.
القيم: تؤثر القيم على الاتصال من خلال تحديد الأفكار والمشاعر التي تعتبر مهمةً. على سبيل المثال، في المجتمعات التي تقدر الاستقلالية، قد يكون الاتصال المباشر أكثر شيوعًا، بينما في المجتمعات التي تقدر الجماعية، قد يكون الاتصال غير المباشر أكثر شيوعًا.
المعايير الاجتماعية: تؤثر المعايير الاجتماعية على الاتصال من خلال تحديد السلوكيات التي تعتبر مقبولةً وغير مقبولة. على سبيل المثال، في بعض المجتمعات، يعتبر الاتصال البصري المباشر أمرًا مهمًا، بينما في ثقافات أخرى، يعتبر الاتصال البصري المباشر أمرًا غير محترم.
التفاعلات الاجتماعية عبر وسائل الاتصال
يدرس التناول السوسيولوجي التفاعلات الاجتماعية التي تتم عبر وسائل الاتصال. ويشمل ذلك دراسة طبيعة هذه التفاعلات، وأشكالها، وتأثيراتها على المجتمع.
طبيعة التفاعلات الاجتماعية عبر وسائل الاتصال: يمكن أن تكون التفاعلات الاجتماعية عبر وسائل الاتصال أحادية الاتجاه أو ثنائية الاتجاه. في التفاعلات أحادية الاتجاه، يرسل الفرد رسالة إلى مجموعة من الأشخاص، ولا يتلقى أي ردود. في التفاعلات ثنائية الاتجاه، يتبادل الأفراد الرسائل، مما يسمح بمزيد من التفاعل والحوار.
أشكال التفاعلات الاجتماعية عبر وسائل الاتصال: يمكن أن تأخذ التفاعلات الاجتماعية عبر وسائل الاتصال أشكالًا مختلفة، مثل:
التواصل الشخصي: مثل الدردشة عبر الإنترنت، والرسائل النصية، والتواصل الاجتماعي.
التواصل الجماعي: مثل وسائل الإعلام التقليدية، مثل التلفزيون والراديو، والوسائل الإعلامية الجديدة، مثل وسائل التواصل الاجتماعي.
التواصل التجاري: مثل التسويق عبر الإنترنت، والإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
تشكيل الهوية الاجتماعية: يمكن أن تساعد التفاعلات الاجتماعية عبر وسائل الاتصال الأفراد على تشكيل هوياتهم الاجتماعية من خلال التواصل مع الآخرين الذين يشاركونهم اهتماماتهم وقيمهم.
تعزيز التماسك الاجتماعي: يمكن أن تساعد التفاعلات الاجتماعية عبر وسائل الاتصال في تعزيز التماسك الاجتماعي من خلال ربط الأفراد من مختلف الخلفيات الاجتماعية.
التأثير على الرأي العام: يمكن أن تؤثر التفاعلات الاجتماعية عبر وسائل الاتصال على الرأي العام من خلال نشر المعلومات والأفكار التي يمكن أن تؤثر على وجهات نظر الناس حول القضايا الاجتماعية والسياسية.
ينظر الاتجاه البنائي الوظيفي إلى الاتصال باعتباره وظيفة اجتماعية ضرورية للمجتمع. ويؤكد هذا الاتجاه على دور الاتصال في الحفاظ على النظام الاجتماعي، وتعزيز التماسك الاجتماعي.
وفيما يلي بعض الأمثلة على دور الاتصال في الحفاظ على النظام الاجتماعي:
نشر المعلومات: يمكن أن يساعد الاتصال في نشر المعلومات حول القوانين واللوائح الاجتماعية، مما يساعد على الحفاظ على النظام الاجتماعي.
تعزيز القيم الاجتماعية: يمكن أن يساعد الاتصال في تعزيز القيم الاجتماعية، مثل احترام القانون والنظام، مما يساعد على الحفاظ على النظام الاجتماعي.
ترسيخ السلطة الاجتماعية: يمكن أن يساعد الاتصال في ترسيخ السلطة الاجتماعية، مثل السلطة السياسية والسلطة الدينية، مما يساعد على الحفاظ على النظام الاجتماعي.
ينظر الاتجاه التفاعلي الرمزي إلى الاتصال باعتباره عملية اجتماعية تعتمد على المعنى. ويؤكد هذا الاتجاه على دور الاتصال في بناء الواقع الاجتماعي، وتشكيل الهوية الاجتماعية.
وفيما يلي بعض الأمثلة على دور الاتصال في بناء الواقع الاجتماعي:
خلق المعنى: يمكن أن يساعد الاتصال في خلق المعنى للأحداث والتجارب، مما يساعد على بناء الواقع الاجتماعي.
تشكيل الهوية الاجتماعية: يمكن أن يساعد الاتصال في تشكيل الهوية الاجتماعية من خلال تحديد الأفراد كأعضاء في مجموعات اجتماعية معينة.
التأثير على السلوك الاجتماعي: يمكن أن يؤثر الاتصال على السلوك الاجتماعي من خلال تشكيل التوقعات والمعايير الاجتماعية.
الاتجاه النقدي
ينظر الاتجاه النقدي إلى الاتصال باعتباره أداة للسيطرة الاجتماعية. ويؤكد هذا الاتجاه على دور الاتصال في الترويج للمصالح الطبقية، وتعزيز الهيمنة الاجتماعية.
وفيما يلي بعض الأمثلة على دور الاتصال في الترويج للمصالح الطبقية:
الدعاية: يمكن استخدام الاتصال للترويج للأفكار والمعتقدات التي تخدم مصالح الطبقة الحاكمة.
الإعلام: يمكن استخدام وسائل الإعلام لتعزيز القيم والمعايير التي تخدم مصالح الطبقة الحاكمة.
الإعلان: يمكن استخدام الإعلان للترويج للمنتجات والخدمات التي تخدم مصالح الطبقة الحاكمة.
المراجع
السوسيولوجيا العامة، تأليف: عبد الله محمد عبد الرحمن، الطبعة الثالثة، 2008.
السوسيولوجيا: النظرية والتطبيق، تأليف: محمد عاطف غازي، الطبعة الثانية، 2010.
السوسيولوجيا: مدخل إلى دراسة المجتمع، تأليف: عبد الله محمد النجار، الطبعة الثانية، 2011.