أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

النظريات السوسيولوجية _ الوظيفية البنيوية

 النظريات السوسيولوجية _ الوظيفية البنيوية 

للسير في الطريق الصحيح في علم الإجتماع، وجب على كل طالب فهم و إستعاب مجموعة من الأولويات، ومن بين هذه الأولويات نجد المقاربات أو النظريات الإجتماعية(السوسيولوجيا)،حيث أن علم الإجتماع كباقي العلوم الإنسانية الأخرى، له نظريات و مقاربات تقوم على وضع و فهم مبادئه و أسسه من خلال أساليبها (الأفكار)بغية فهم و تفسير الواقع(المجتمع).
كما تطرقنا في السابق لمجموعة من العلماء الإجتماعيين عبر فقرة (إستضافة رائد من رواد علم الإجتماع)، ها نحن نستضيف النظريات السوسيولوجيا، باعتبارها تابعة ونابعة من خلال هؤلاء المفكرين و العلماء الإجتماعيين.
إذن ما هي هذه النظريات؟ ومن هم أهم روادها؟ 
إجابة على الإشكالات أعلاه، فأهم هذه النظريات نجد النظرية الماركسية و الوضعية و التطورية ثم النظرية الوظيفية البنيوية، حيث ستكون هذه الأخيرة محطة موضوعنا هذا.
(النظرية البنيوية الوظيفية، الوظيفة،البناء...).


النظريات السوسيولوجية _ الوظيفية البنيوية
النظريات السوسيولوجية _ الوظيفية البنيوية 

تمهيد:

ظهرت النظرية البنيوية الوظيفية في اعقاب ظهور كل من البنيوية الإجتماعية علي أيدي كل من (كلاودس ليفي ستراوس وكولدون ويزير) وعندما نشر العالمان كتابي (ابنية القرابة) و(الطوطمية) على التوالي، والوظيفية على أيدي كل من (ماكس فيبر وإميل دوركايم و سبنسر و وليم كراهام سمنر...) في مؤلفاتهم (الدين والإقتصاد) و(تقسيم العمل في المجتمع) و(طرق الشعوب)،علما بأن ظهورها كان كرد فعل للتراجع والضعف والإخفاق الذي منيت به كل من (البنيوية و الوظيفية) لكون كل منهما أوحادية الجانب، ذلك أن البنيوية تفسر المجتمع والظاهرة الإجتماعية وفقا للأجزاء والمكونات والعوامل المفردة التي يتكون منها البناء الإجتماعي بعيدا عن وظائف هذه الأجزاء والنتائج المتمخضة عن وجودها، في حين أن الوظيفة تفسر الظاهره الإجتماعية تفسيرًا يأخذ بعين الإعتبار نتائج وجودها وفعاليتها بعيدا عن بنائها والأجزاء التي تتكون منها.
لهذا ظهرت النظرية البنيوية الوظيفية لتنظر الى الظاهرة أو الحادثة الإجتماعية على أنها وليدة الأجزاء أو الكيانات البنيوية التي تظهر في وسطها وأن لظهورها وظيفة إجتماعية، لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بوظائف الظواهر الأخرى المشتقة من الأجزاء الأخرى للبناء الإجتماعي، علمًا أن النظرية (البنيوية الوظيفية) قد ظهرت في القرن التاسع عشر على يد العالم الإجتماعي البريطاني (هربرنت سبنسر Herbert Spencer)، ثم ذهبت إلى أمريكا فطوَّرها هناك كل من (تالكوت بارسونز وروبرت ميرتون وهانز كيرث وسي ورايت ملز)

المبحث الأول: نشوء النظرية البنيوية الوظيفية:

يرتبط نشوء النظرية البنيوية الوظيفية بالفكر الوضعي إذ كانت النزعة الوضعية منذ بداية القرن التاسع عشر مؤيدة للعلم ومعارضة (للميتفيزيقيا التقليدية)، إذ أن تأييدها للعلم والمنطق التجريبي كان يستند على فكرة الوصول إلى القوانين التي تخضع لها الوقائع والظواهر الإجتماعية، لذا أكدوا على فكرة العلم الطبيعي خاصة علم الإحياء وأهميته في دراسة المجتمع، فعلم الإحياء يدرس تراكيب ووظائف الكائن الحيواني أو النباتي الحي. ومثل هذه الدراسة يمكن الإستفادة منها في تحليل المجتمع البشري الذي هو الأخر الذي يتكون من أجزاء تسمى بالأنظمة التي لها وظائف يكمل بعضها البعض الأخر. 
إن البنيويين الوظيفيين يعتقدون بأن بناء أي كائن عضوي عبارة عن ترتيب أو تنظيم ثابت نسبيا من العلاقات القائمة بين الخلايا المختلفة للكائن.
أما عن ماهية الدعاوى الأساسية لظهور الإتجاه البنيوي الوظيفي فهي مختلفة، بين دعاوي علمية ودعاوي إديولوجية وسياسية.
لقد ظهر الإتجاه البنيوي الوظيفي إستجابة لحاجة عدد من الباحثين في (علمي الإجتماع والإنثروبولوجيا)، نحو تطوير أدوات وأساليب نظرية ومنهجية تتوائم ودراسة الصور المختلفة للترابطات الإجتماعية والتفاعل بين السمات والجماعات والنظم داخل النسق الإجتماعي الكبير الذي يكتنف الأنساق الفرعية، أما المنحى الأخر للفكر البنيوي الوظيفي فقد كان إستجابة لدعاوي إيديولوجية وسياسية، إذ أرادت أن تناهض (علم الإجتماع الماركسي) وتضرب الطوق والعزلة الفكرية والسياسية على السياق التاريخي المادي الذي نشأ وترعرع فيه.
*لقد ظهرت النظرية البنيوية الوظيفية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وكانت بمثابة رد فعل للمعوقات والإنتقادات والمشكلات التي وُجّهت لكل من النظرية البنيوية والنظرية الوظيفية، إن النظرية البنيوية الوظيفية جاءت لتكمل الأعمال التي بدأت بها كل من البنيوية والوظيفية، ذلك أن النظرية البنيوية الوظيفية تعترف بأن لكل مجتمع او مؤسسة أو منظمة بناء والبناء يتحلل إلى أجزاء وعناصر تكوينية، ولكل جزء أو عنصر وظيفة تساعد على ديمومة المجتمع أو المؤسسة أو المنظمة.
لذا فالفكر البنيوي الوظيفي يعترف ببناء الكيانات أو الوحدات الإجتماعية ويعترف في الوقت ذاتة بالوظائف التي تؤديها الأجزاء والعناصر الأولية للبناء أو المؤسسة ووظائف المؤسسة الواحدة لبقية المؤسسات الأخرى التي يتكون منها المجتمع، علما بأن النظرية البنيوية الوظيفية تعتمد على (النظرية البايولوجية)، التي جاء بها (جارلس دارون) في كتابة (أصل الأنواع)، إذ أن جارلس دارون تناول دراسة الأجزاء التي يتكون منها الكائن العضوي والترابط بينها ودرس وظائفها للكائن العضوي ككل.
وقد استفاد علماء الإجتماع البنيويون الوظيفيون من الأفكار البايولوجية والعضوية التي جاء بها دارون عند دراستة للكائن الحيواني من حيث البناء والوظيفة والتطور، ذلك أن للمجتمع بناء ووظيفة وأن هناك تكاملاً بين الجانب البنيوي للمجتمع والجانب الوظيفي، إذ أن البناء يكمل الوظيفة والوظيفة تكمل البناء. فكيف يمكن التحدث عن البناء دون ذكر وظائفه، وكيف يمكن التحدث عن وظائف الجماعات والكيانات دون تناول بنائها، وهنا يقول: (تالكوت بارسونز) في كتابة (النسق الإجتماعي) لا بناء بدون وظائف إجتماعية ولا وظائف بدون بناء إجتماعي، وهذا يدل على وجود علاقة متفاعلة بين البناء والوظيفة، وأن هناك درجة عالية من التكامل بينهما، إذ لا نستطيع الفصل مطلقا بين البناء والوظيفة، وبناء على هذه المسلمة نستطيع توجيه الإنتقاد المر إلى النظرية البنيوية وإلى النظرية الوظيفية، فالبنيوية ترى بأن ماهو موجود هو البناء و الأجزاء التركيبية للبناء، بينما ترى الوظيفية بأن ماهو موجود هو الوظائف التي تفيد المجتمع وليس البناء.
إن كل ما أوحاديا كهذا دفع بالبنيويين الوظيفيين إلى الربط العلمي بين الوظيفة والبناء، إذ لا بناء بدون وظيفة ولا وظيفة بدون بناء، أما علماء الإجتماع الذين درسوا البناء والوظيفة جنبا إلى جنب دون التحيز الى ركن دون الركن الآخر فهم: ❗️( العلامة ابن خلدون وهربرت سبنسر وتالكوت بارسونز وروبرت ميرتون وهانز كيرث وسي رايت ملز وجون ريكس وكينكزلي ديفيز...)
*من المؤكد أن الإتجاه البنيوي الوظيفي قد ظهر في علم البايولوجي وفي علم النفس وفي علم الإنثروبولوجيا الثقافي قبل أن يظهر في علم الإجتماع، فعلم البايولوجي يعتقد بأن الكائن العضوي الحي يتكون من أجزاء أو تراكيب بنيوية، ولهذه الأجزاء أو التراكيب وظائفها، والوظائف هذه تساعد على بقاء وديمومة الكائن العضوي الحي، واستعمال الإتجاه البنيوي الوظيفي في علم النفس في بداية القرن العشرين عندما ظهرت أدوات تحليلية مختلفة تحاول أن تصف بدقة الأجزاء أو العناصر التي تتكون منها العمليات العقلية كالإرادة والإنفعال والدافع والإحساس والإدراك...، غير أن الإتجاه البنيوي الوظيفي، لم يعين الوحدة الأساسية التي تربط العناصر الفرعية بيد أنه في (العشرينات والثلاثينات) ظهرت (نظرية الجشطالت) التي تعتقد بأن أي عنصر من عناصر العملية العقلية يجب أن يدرس في ضوء الكل الذي تتكون منه الأجزاء أو العناصر على الرغم من وجود الإختلافات بين الكل والأجزاء.
واستثمر علم الإجتماع فكرة البناء والوظيفة في دراستة للمجتمعات والجماعات و المؤسسات والمنظمات.
فالمؤسسة أو النسق الفرعي له بناء يتحلل إلى عناصر بنيوية يطلق عليها الأدوار، ولكل دور وظيفة، وهذه الوظائف مكملة بعضها لبعض، ذالك أن التكامل يكون بين البنى وبين الوظائف كما تعتقد النظرية البنيوية الوظيفية

●المبحث الثاني:  المبادئ التي ترتكز عليها النظرية البنيوية: الوظيفية:


تعتقد النظرية البنيوية الوظيفية التي كان روادها كل من (هربرت سبنسر وتالكوت بارسونز وروبرت ميرتون و هانز كيرث وسي رايت ملز) بعشره مبادئ أساسية متكاملة، كل مبدأ يكمل المبدأ الأخر، وهذه المبادئ هي على النحو الآتي:

1) يتكون المجتمع أو المجتمع المحلي أو المؤسسة أو الجماعة مهما يكن غرضها وحجمها من أجزاء ووحدات، مختلفة بعضها عن بعض وعلى الرغم من إختلافها إلا أنها مترابطة ومتساندة.....، واحدتها مع الأخرى.
2) المجتمع أو الجماعة أو المؤسسة يمكن تحليلها تحليلا بنيويا وظيفيا إلى أجزاء وعناصر أولية، أي أن المؤسسة تتكون من أجزاء أو عناصر لكل منها وظائفها الأساسية.
3) أن الأجزاء التي تحلل إليها المؤسسة أو المجتمع أو الظاهرة الإجتماعية إنما هي أجزاء متكاملة، فكل جزء يكمل الجزء الأخر وأن أي تغيير يطرأ على أحد الأجزاء لابد أن ينعكس على بقية الأجزاء الأخرى، وبالتالي يحدث مايسمى بعملية (التغير الإجتماعي)، من هنا تفسر النظرية البنيوية الوظيفية التغير الإجتماعي بتغير جزئي يطرأ على أحد الوحدات أو العناصر التركيبية، وهذا التغير سرعان ما يؤثر في بقية الأجزاء إذ يغيرها من طور إلى طور غيره.
4) أن كل جزء من أجزاء المؤسسة أو النسق له وظائف بنيوية نابعة من طبيعة الجزء، وهذه الوظائف مختلفة نتيجة إختلاف الأجزاء أو الوحدات التركيبية، وعلى الرغم من إختلاف الوظائف فإن هناك درجة من التكامل بينها، لذا فوظائف البنى المؤسسية مختلفة ولكن على الرغم من الإختلاف فإن هناك تكاملاً واضحًا بينهما، فمثلاً وظيفة المدرس او الاستاذ في المؤسسة التربوية تختلف عن وظيفة الطالب، ولكن وظائف كل منهما تكمل بعضها البعض، فالأستاذ لايستطيع أداء وظائفه التعليمية والتربوية دون أن يكون هناك طلبة كما أن الطالب لا يستطيع تلقي العلوم والمعرفه والتربية دون أن يكون هناك أستاذ، لذا فالإختلاف والتفاضل في المراكز هو شي وظيفي للتماسك والتكافل الإجتماعي في المؤسسة التربوية أو التعلمية.
5) الوظائف التي تؤديها الجماعة أو المؤسسة أو يؤديها المجتمع إنما تشبع حاجات الأفراد المنتمين أو حاجات المؤسسات الأخرى، والحاجات التي تشبعها المؤسسات قد تكون حاجات أساسية أو حاجات إجتماعية أو حاجات روحية.
6) الوظائف التي تؤديها المؤسسة أو الجماعة قد تكون وظائف ظاهرة أو كامنة أو وظائف بناءة أو وظائف هدامة.
7) وجود نظام قيمي أو معياري تسير البنى الهيكلية للمجتمع أو المؤسسة في مجالة،  فالنظام القيمي هو الذي يقسم العمل على الأفراد، ويحدد وإجبات كل فرد وحقوقه، كما يحدد أساليب إتصاله وتفاعله مع الأخرين، إضافة إلى تحديدة لماهية الأفعال التي يكافأ عليها الفرد أو يعاقب.
8)  تعتقد النظرية البنيوية الوظيفية بنظام إتصال أو علاقات إنسانية تمرر عن طريقه المعلومات أو الإيعازات من المراكز القيادية إلى المراكز القاعدية أو من المراكز الأخيرة إلى المراكز القيادية.
9) تعتقد النظرية البنيوية الوظيفية بنظامي سلة ومنزلة، فنظام السلطة في المجتمع او المؤسسة هو الذي يتخذ القرارات ويصدر الإيعازات والأوامر إلى الأدوار الوسطية أو القاعدية لكي توضع موضع التنفيذ، فهناك في النظام أدوار تصدر الأومر وهناك أدوار تطيعها، أما نظام المنزلة فهو النظام الذي يقضي بمنح الإمتيازات والمكافئات للمعلمين الجيدين لشدهم والأخرين من زملائهم إلى العمل الذي يمارسونه، علما بأن الموازنة بين نظامي السلطة والمنزلة هي شيء ضروري لديمومة وفاعلية المؤسسة أو النظام أو النسق.

●الإنتقادات التي وجهت للإتجاه البنائي الوظيفي من اهمها:

1-لقد انصب التركيز على الجوانب الثابتة من النسق الاجتماعي اكثر من الاهتمام بالابعاد الديناميكية المتغيرة, وكانت الابعاد الثقافية للنسق الاجتماعي اكثر استخداما في التفسير من غيرها من مكونات النسق.
2-المبالغة في محاكاة نموذج العلوم الطبيعية, وخاصة نموذج علوم الحياة , وكأن النسق الاجتماعي كائن عضوي تحكمة نفس القوانين التي تحكم حركة الكائنات الحية.
3-يؤخذ على الاتجاة البنائي الوظيفي انه احادي النظرة,بمعنى انه لايرى ويبحث في النسق الاجتماعي الا ابعاد التوازن والوظائف وتحقيق الاهداف, فلا يهتم بتحليل ابعاد اخرى مثل ابعاد التغير والاظطراب والامراض والمشكلات الاجتماعية.
4- استبعاد فكرة التغير الاجتماعي وخاصة الجذري والشامل , وحتى وان اعترف النموذج البنائي الوظيفي بشيء من التغير الاجتماعي النابع من عوامل كائنة داخل النسق , فانه لايعطي أي اهتمام, بل لايهتم مطلقا بالتغير الاجتماعي الذي يتم بفعل عوامل من خارج النسق الاجتماعي.
5-اهمل الاتجاه البنائي الوظيفي فكرة الصراع الاجتماعي, مع ان هذا المتغير اساسي في فهم تغير وتطور المجتمعات الانسانية الصناعية والنامية منها على حد سواء.
6- صعوبة اختبار كثير من المفاهيم والتصورات والقضايا التي يستند اليها الاتجاه البنائي الوظيفي في فهم المجتمع
7- لايطرح اسئلة رئيسية وجذرية حول غاية الفعل الاجتماعي ,فهو يهتم فقط بنتائج الفعل واستمراره دون النظر في مضامينة وغاياتة البعيدة.
الاضافات التي قدمها كونت لتطوير النظرية البنيوية:
يمكن تحديد هذه الاضافات بخمس نقاط أساسية.

●مأخوذه من كتابة(الفلسفة الوضعية) وهي:
1-درس كونت المجتمع البشري في حالته السكونية,أي دراسة اجزائه البنيوية في نقطة زمنية محددة . علما بأن المجتمع البشري يتكون من اجزاءا ونظم مختلفة بأغراضها كالنظم الاقتصادية والدينية والسياسية والعائلية.
2-تكون النظم التي يتكون منها المجتمع متكاملة ,أي يكمل بعضها للبعض الأخر.
3-اذا تغير نظام اجتماعي فرعي من نظم البناء الاجتماعي فان هذا التغير لابد ان يؤثر على بقية النظم اذ يغيرها من طور الى طور اخر.
4-تهدف الدراسة السكونية للمجتمع بنظر كونت الى الوقوف على القوانين التي تحكم تماسك النظم وتضامنها . علما بأن العناصر الاساسية للمجتمع هي الفرد والعائلة والدولة.
5- لايعتبر الفرد عنصرا اجتماعيا الا اذا تفاعل مع الاخرين وتضامن معهم بشكل جماعات ومنظمات متماسكة . لذا فالفردية الخالصة لاتمثل شيئا في الحياة الاجتماعية الابعد امتزاج وتفاعل العقول بعضها مع بعض. علما بأن تفاعل العقول لا يتحقق في الوسط الفردي وانما يتحقق في الوسط الجمعي.

المبحث الثالث :الاضافات التي قدمها ابرز رواد البنيوية الوظيفية:

في هذا المبحث نود التطرق الى الاضافات العلمية التي وهبها ابرز البنيويون الوظيفيون لنمو وتطور النظرية البنيوية الوظيفية، ومن هؤلاء (هربرت سبنسر وتالكوت بارسونز وهانز كيرث وسي .رايت ملز).
■أولًا: الاضافات التي قدمها (هربرت سبنسر)للنظرية البنيوية الوظيفية:
النظرية العضوية التي جاء بها (هربرت سبنسر) في كتابه مبادىء علم الاجتماع هي التي تفسر افكاره حول البنيوية الوظيفية .
فالنظرية البايو اجتماعية التي ابتدعها هربرت (سبنسر 1820-1903) تقارن الكائن الحيواني الحي بالمجتمع من حيث الاجزاء والوظائف والتكامل بين الاجزاء والوظائف للكائنين الحيواني والاجتماعي . لقد اجرى سبنسر مماثلة بين الكائن الحيواني والمجتمع فالكائن الحيواني كجسم الانسان مثلا يتكون من اجهزة واعضاء كالجهاز العصبي والجهاز الهضمي والجهاز الدموي والجهاز العضلي والجهاز العظمي والجهاز التنفسي ...، وبجانب الاجهزة العضوية للكائن الحيواني الحي هناك الاعضاء كالقلب والرئتين والمعدة واليد والرجل والعين واللسان والاذن...، علما بأن سبنسر قد حلل او شرح الجهاز العظمي الى مجموعة خلايا عضوية, ولكل خلية واجباتها وحقوقها.
اما الكائن الاجتماعي الذي شبهه هربرت سبنسر بالكائن العضوي فيتكون من مجموعة مؤسسات او نظم اجتماعية فرعية كالنظام الاقتصادي والنظام السياسي والنظام الديني والنظام التربوي والنظام الاسري والقرابي ونظام العسكري . والنظام الواحد يتحلل الى ادوار كتحليل النظام الاقتصادي الى ادوار قيادية ووسطية وقاعدية وان لكل دور واجبات وحقوق اجتماعية.
ولم يكتف سبنسر بدراسة اجزاء الكائن الحيواني ومقارنتها بأجزاء المجتمع بل ذهب الى ابعد من ذالك اذ اشار ان لكل جزء من اجزاء المجتمع وظائفة التي تساعد عل ديمومة وبقاء الكائن الاجتماعي مثله في ذلك الوظائف التي يقدمها الجهاز العضوي لديمومه وبقاء الكائن الحيواني , ذلك ان للجهاز العظمي وظائفه البايولوجية وللجهاز العضلي وظائفه البايولوجية وهكذا.
وتناول سبنسر ايضا في دراسته البايواجتماعية التكامل بين اجزاء المجتمع والتكامل بين وظائفها اذ اشار بأن المؤسسة الاقتصادية تكمل المؤسسة الدينية وان المؤسسة الاخيرة تكمل المؤسسة الاسرية والقرابية وهكذا .كما اضاف بأن وظائف الكائن الاجتماعي مكملة بعضها لبعض اذ ان الوظائف الاقتصادية للمجتمع تكمل الوظائف العسكرية, والوظائف الاخيرة تكمل الوظائف التربوية. وهنا اكد سبنسر على موضوع التفاضل والتكامل لأجزاء المجتمع او اجزاء الكائن الحيواني الحي.فبالرغم من تفاضل اجزاء المجتمع فانها تكون متكاملة أي ان كل جزء يكمل الجزء الاخر.

■ثانياً: الاضافات التي قدمها تالكوت بارسونز للبنيوية الوظيفية وتطورها:

ظهرت الاضافات التي قدمها تالكوت بارسونز (1902-1979) لنمو وتطور النظرية البنيوية الوظيفية في مؤلفيه (النسق الاجتماعي) و(نحو نظرية عامة للحدث) .ذالك ان بارسونز يعد من قادة النظرية البنيوية الوظيفية في القرن العشرين . ان نظرية الحدث التي بلور معالمها بارسونز تدرس الانساق الثلاثة وهي الثقافة والشخصية والنظام الاجتماعي .علما بأن التكامل الموضوعي بين الانساق الثلاثة يعني بأن الثقافة لايمكن فهمها الا عن طريق الشخصية والنظام الاجتماعي , وان النظام الاجتماعي لايمكن فهمه بدون فهم ودراسة واستيعاب الثقافة والشخصية.
بيد ان البنيوية الوظيفية البارسونية تكمن في النسق او النظام الاجتماعي الذي درسه بارسونز دراسة بنيوية زظيفية اذ اكد ذلك عن طريق الخطاب الذي القاه امام الجمعية الامريكية للاجتماعيين عام 1947 عندما كان رئيسها اذ اشار إلى ضرورة ايجاد نظرية بنيوية وظيفية تخدم ثلاثة اغراض رئيسية هي:
1)تحديد الضرورات الوظيفية للنظام الاجتماعي.
2)تحديد المتطلبات الوظيفية للنظام.
3)تحليل المجتمع الى عناصره الاولية وفق نظرية تكامل الانساق
الثلاثة.
○أولاً: الضرورات الوظيفية للنظام الاجتماعي هي:
1) قابلية النظام على تكييف نفسة للانظمة الاخرى وللبيئة الطبيعية التي وجد فيها
2) تحقيق الاهداف الرئيسية للنظام
3) قابلية النظام على تحقيق الوحدة بين اعضائه
4) قدرته على المحافظة على الاستقرار والانسجام

○ثانياً: المتطلبات الوظيفية للنظام الاجتماعي فهي:

1) تحقيق وتهيئة الظروف الاساسية التي تساعد النسق الاجتماعي على البقاء والاستمرار والتطور , ومن هذه الظروف تنشئة الاطفال وتزويدهم بالمهارات والقابليات والقيم التي يعتز بها المجتمع.
2) وجود لغة مشتركة تساعد على التفاهم والاتصال بين الافراد والجماعات.
3) طريقة توزيع الادوار الاجتماعية على بناء المجتمع او الجماعة
4) توزيع المكافات والامتيازات والحقوق على الافراد بطريقه تعتمد طبيعة الواجبات التي يقومون بها.
ان لكافة النظم الاجتماعية كالدولة والاسرة والجامع والكنيسة والاحزاب السياسية والسلطات والجماعات الضاغطة ...الخ
وظائف اجتماعية مهمة تساعد النظام على تحقيق اهدافه وطموحاته وتنتج في توازن وتكامل اجزائة البنيوية ,علما بأن النظرية البنيوية الوظيفية التي درسها بارسونز وطورها انما هي منهج لتفسير الظواهر الاجتماعية والسياسية من خلال الكشف عن طبيعة وظائفها وقدرتها على تحقيق الاهداف والطموحات.

○ثالثًا: البنيوية الوظيفية عند اميل دور كايم :

مفهوم الوظيفة لدى دوركايم
يميل دوركايم إلى جعل مفهوم الوظيفة مفهوما نسبيا خاليا من الحتمية . فاذا لم يكن من الضروري اعتبار كل وظيفة تعبير عن حاجة الجسم فليس من الضروري ايضا أن تكون لكل حاجة وظيفة في الجسم، فما هي أسباب هذه النسبية الوظيفية لدى دوركايم ؟
ثمة ثلاثة أسباب تفسر النسبي عند دوركايم :
1) يريد دوركايم ان يحتكر تأسيس العلم الجديد . لذا لن يكون بإمكانه تبني نفس التعريفات التي نجدها عند كلا من كونت و سيمون و سبنسر . ولايجب ان ننسى ايضا أن دوركايم يعتبر الكونتية ( أ. كونت ) ضربا من ضروب الفلسفة المجردة في حين انه يدعي لنفسه تأسيس العلم الجديد.
2) رغب دوركايم ان يتميز في اطروحاته عن كونت مبينا ان علم الاجتماع لا يقوم على مبدأ الحتمية ولايستند اليها .
3) اراد دوركايم ان يتخلص من هذه المرجعيات غير الاجتماعية وان تكون للظاهرة الاجتماعية مرجعيتها المحضة وليست المرجعية البيولوجية او الطبيعية.
في المقابل:
4) بدا المجتمع عند كونت و سبنسر على انه كلية اجتماعية ، وعليه فان الحياة الاجتماعية والحياة العضوية ستكونان خاضعتين لنفس القانون ، قانون التطور .
🖍مثال:
فالمؤسسات مثلا تملك نفس الاهداف والوظائف التي تمثل اعضاء الانسان وهو ما يرفضه دوركايم كون سبنسر يختزل النشاط الانساني في الوظيفة التي تقوم بها كل ظاهرة اجتماعية والتي يتم ارجاعها إلى حاجيات الجسم الانساني .
أية استنتاجات؟
ان الاستنتاجات الرئيسية التي يمكن الخروج بها :
<> أن الوظيفية كانت قبل دوركايم تعرف على انها حالة من التطابق ما بين الجسم وحاجاته ، فكلما عبر الجسم عن حاجة ما الا واستشعر الحاجة إلى وظيفة ما.
<>ان المقاربة الوظيفية انطلقت من هذا التطابق الكلي مابين الوظيفة والحاجة . لماذا ؟ لان علوم البيولوجيا كانت تشكل نوعا من مرجعيات علم الاجتماع لدى( دوركايم و كونت و سيمون ...).
<> اراد دوركايم ان يقصي العلوم البيولوجية والطبيعية من أي تاثير في علم الاجتماع ، وحرص على استقلاله والحد من تدخل علوم البيولوجيا فيه ، لذا ستتخذ الوظيفية عند دوركايم منحىً آخر غير التطابق وهو المنحى المعرفي .
<>يعتبر دوركايم ان الممارسة السوسيولوجية لا ينبغي ان تعتمد على الحتمية لذا يؤكد على نسبية الوظيفة " فليس الشعور بالحاجة يستوجب الوظيفة " .
<>من جهة اخرى هناك اعتبارين لدى دوركايم يقفان خلف تنسيبه للظاهرة الاجتماعية :
الاعتبار الاول : هو صعوبة اعتماد التحليل الحتمي في علم الاجتماع . فالظاهرة الاجتماعية نسبية بحكم ظروف نسبية انتاجها وظروف التحكم فيها .
الاعتبار الثاني : هو ان الظواهر المعتلة والشاذة هي ايضا لها وظائف ولايمكن القول بانها ظواهر غير طبيعية . وهذا يعني ان علم الاجتماع لا يبحث في علة الظواهر بقدر ما يبحث عن الوظيفة التي يمكن ان تؤديها ( في العلاقات والادوار ) .
بعض اسهامات دوركايم في تأسيس البنيوية الوظيفية.

أولاً :
ان اهتمام دوركايم بالوقائع الاجتماعية جعله يهتم ايضا بالاجزاء المكونه للنسق الاجتماعي من جهة وعلاقات الاجزاء ببعضها البعض ومن ثم تأثيرها على المجتمع . ففي حديثه عن الوقائع الاجتماعية وجد نفسه مضطرا لإعطاها اهمية كونها تندرج في اطار في بنى ومؤسسات سعى دوركايم إلى البحث عنها.

ثانيا :
اعتنى دوركايم كثيرا بالبنى والوظائف وعلاقاتها بحاجيات المجتمع . وهذا يعني اهتمامه بالبنية والوظيفة كعنصرين هامين في التحليل السوسيولوجي .

ثالثًا :
من أهم الامور التي قام بها دوركايم تمييزه بين مفهومين هما " السبب الاجتماعي " و " الوظيفة الاجتماعية ".
اذ ان دراسة " السبب الاجتماعي " سيعني الاهتمام بمبرارات وجود البنية . اما دراسة " الوظيفة الاجتماعية " فستعني الاهتمام بحاجيات المجتمع الكبيرة وكيفية تلبيتها من طرف بنية معينة .
مثال :
اذا درسنا سبب ظهور الاسرة النووية فسنفكر ما اذا كان التصنيع وانتقال الناس من حال إلى حال هو السبب في ذلك ، كما سنتساءل عن وظيفة الاسرة النووية كبنية جديدة في المجتمع الصناعي .

رابعًا :
رفض دوركايم رفضا قاطعا فكرة اسطورية الدين ، واكد في المقابل على انه ظاهرة عالمية وبالتالي لابد وان تكون له وظيفة في المجتمعات البشرية . فمن بين وظائف الدين عند دوركايم وابن خلدون العمل على توحيد الناس وخلق روح التضامن الاجتماعي بينهم عن طريق القيم الثقافية والاعتقادات الدينية التي يدعو اليها هذا الدين او ذاك .
مثال : وظيفة الشعائر الدينية:
يقدم دوركايم في كتابه " الاشكال الاولية للحياة الدينية " نموذجا للمعنى الاجتماعي للشعائر الدينية او الحفلات المراسمية . ففي نظره تحقق الشعلئر الدينية التماسك الاجتماعي من خلال أدائها لاربع وظائف :
<> مراسم الحفل ، وهذه تهيئ الفرد للحياة الاجتماعية من خلال فرض الطاعة عليه.

<> إن وظيفة الشعائر الدينية تتمثل في كونها تقوي من تماسك المجتمع وترابط العلاقات بين الافراد والمجموعات .
<> تجدد الشعائر الدينية لدى ممارستها التزام الفرد لتقاليد المجتمع .
<> يشعر الفرد بالراحة والحماس الاجتماعي اثناء مشاركته بالحفل الديني.
عبر هذه الحالات الاربع فإن الشعائر الدينية تساهم بتلبية الحاجات الدينية للفرد ، ومن ثم يتضح من التفكير السوسيولوجي الدوركايمي ان كل وحدة اجتماعية في المجتمع لها علاقة بالمجتمع الكبير وفي كل الوحدات الموجودة فيه ويعتقد دوركايم ان الانسجام في المجتمع يصبح واقعا مجسما عندما تسود هذه الحالة الطبيعية . أي عند قيام هذه الوحدات الاربع بوظائفها في المجتمع ككل .
خامسًا:
  مفهوم الوظيفة عند دوركايم
يعرفها كما يلي :
" تتمثل وظيفة العناصر الاجتماعية في مساهمتها في الحفاظ على مجرى الحياة في المجتمع " .
فالثقافة هي التي تمثل جانبا من العناصر الاجتماعية فتشمل اللغة ، العادات ، والتقاليد ، والعقائد الدينية ، القيم الثقافية ، وكل هذه العناصر تمثل مؤسسات اجتماعية لها وظيفتها ولايمكن الاستغناء عنها لاهميتها في مجرى الحياة الاجتماعية ولكونها تشكل العناصر البنيوية في المجتمع .
ومن ملامح الوظيفية النظرية انها تنظر إلى المجتمع كنسق اجتماعي أي وحدات اجتماعية مختلفة نسبيا تساهم في وظائف مختلفة لدفع المجتمع وتقدمه .
وحسب دوركايم فـ" ان الانسجام من ملامح الرؤية الوظيفية " لا بل انها تنظر إلى المجتمع على اساس انه مستقر وليس هناك ما يعكر صفوه من صراعات ونزاعات بما ان اجزاءه تتكامل في القصد والهدف .

رابعا : ميرتون والبنائية الوظيفية

ثانيا : الوظيفية عند روبرت ميرتون [الوظيفية الامبريقية المتوسطة ] و الوظيفيون الجدد
يعد مقال نقد ميرتون اهم نقد للوظيفية في علم الإجتماع 
نقد ميرتون :
ينتقد ميرتون ثلاث مسلمات يتصف بها التحليل الوظيفي:
1)الوحدة الوظيفية للمجتمع :
ترى هذه المسلمة ان كل العقائد والممارسات الثقافية والاجتماعية تؤدي وظيفة واحدة لكل من الافراد والمجتمع . كما تعتقد ان اجزاء النسق الاجتماعي تتمتع بدرجة عالية من التكامل . وفي هذه النقطة بالذات يشير ميرتون الى صحتها ولكن بالنسبة للمجتمعات البدائية الصغيرة وليس بالنسبة للمجتمعات الكبيرة المعقدة . لذا ينبغي عدم تعميم هذه المسلمات .

2)الوظيفية الشاملة :
تعني هذه المسلمة ان كل الاشكال والبنى الثقافية والاجتماعية في المجتمع تقوم بوظائف ايجابية ويرى ميرتون ان هذا قد يكون مخالفا لواقع الحياة اذ ليس بالضرورة ان تكون كل بنية او تقليد اوعقيدة تتصف بوظائف ايجابية . ومن واقع المجتمعات العربية فإن فكرة الوحدة العربية على سبيل المثال ربما لا تصمد في بعض الأحايين امام الفكرة الوطنية التي تسعى الى ابراز الهوية القطرية على حساب الهوية القومية كما ان الفكرة قد تثير تحفظات بين العرب لا سيما لمن يحاولون احياء التراث القديم كالفرعونية والامازيغية وكذلك الامر ينطبق على فكرة الوحدة الاسلامية حيث يبدو الدين يلعب دورا وظيفيا متفاوتا بين الشعوب العربية والاسلامية.

3) ضرورة وجود الاجزاء :
ترى هذه المسلمة ان الاجزاء المكونة للمجتمع لا تقوم بوظائف ايجابية فحسب بل هي تمثل عناصر ضرورية لعمل المجتمع ككل . وهذا يعني ان البنى الاجتماعية والوظائف ضرورية بالنسبة لمسيرة المجتمع الطبيعية أي انه ليس هناك بنى ووظائف اخرى قادرة على القيام بمسيرة المجتمع كالوظائف القائمة الان . وحسب ميرتون المتأثر بأستاذه بارسونز لابد من الاعتراف بوجود عدة بنى ووظائف داخل نفس المجتمع.
مشروعية النقد 
يتلخص بطموح نحو نظرية امبريقية متوسطة اكثر شمولية واقدر على تفسير الاحداث من الوظيفية التقليدية التي يعتبرها ميرتون جزئية وسطحية وغير قادرة على التفسير ، يرى ميرتون ان المسلمات الثلاثة السابقة لاتستند إلى معطيات امبريقية بقدر ما هي مجرد افكار وانساق نظرية بحتة في حين ان واجب عالم الاجتماع فحص مدى مصداقية كل منها امبريقيا . لماذا ؟ لان الاختبار الامبريقي وليس المقالات النظرية هو الذي يمكن التحليل الوظيفي من التوصل الى ارساء منظور او باراديقم او شكل تحليل يكون بمثابة مرجع لتكامل النظرية مع البحث الامبريقي .
لذا يرى ميرتون ان التحليل الوظيفي ينبغي ان يدرس ظواهر محدودة مثل الادوار الاجتماعية ، الانماط المؤسسية ، العمليات الاجتماعية ،ا لانماط الثقافية ، البنية الاجتماعية وادوات الضبط الاجتماعي . ومن الواضح ان ميرتون أولى اهمية للدراسات الامبريقية في النظرية الوظيفية بدلا من التركيز على الدراسات الامبريقية لظواهر محدودة كجنوح الاحداث أو مدى علاقة ادوات الضبط الاجتماعي في الانحراف وما اذا كانت الانحرافات ناجمة عن خلل في التنشئة الاجتماعية او المنظومة القيمية والمعيارية كما ان ميرتون فرق بين ” الدور” الذي يعالج فكرة الصراعات في المجتمع ويزداد تنوعا وتخصصا في المجتمعات المعقدة وبين الوظيفية ، فالفرد مثلا يمكن ان يؤدي ادوارا معقدة ومتخصصة ولكنه يعجز عن القيام بكل الوظائف . لهذا تبرز فكرة التخصص في الادوار عوضا عن القيام بشتى الوظائف.

العوق الوظيفي [الاختلال الوظيفي ]:

يؤمن ميرتون بأن العناصر الاجتماعية يمكن ان تكون لها انعكاسات سلبية ، ولاصلاح هذا السهو الخطير في النظرية الوظيفية لجأ ميرتون الى استعمال مفهوم (الإختلال الوظيفي) اذ يرى ميرتون ان البنى والتنظيمات الاجتماعية مثلما تساهم في الحفاظ عل الاجزاء الاخرى للنسق الاجتماعي للمجتمع مثلما يمكن ان تكون لهما انعكاسات سلبية ايضا
🖍مثال:
كان للنظام العبودي في الولايات المتحدة آثارا ايجابية على المواطنين البيض لا سيما فيما يتعلق بتوفير الايدي العاملة الرخيصة التي ساعدت على تحسين اقتصاد القطن وحسنت من المكانة الإجتماعية للبيض، غير ان لهذه الميزة العنصرية آثارا سلبية جعلت السكان الجنوبيين في الولايات المتحدة يعتمدون كثيرا على الاقتصاد الزراعي مما أبقاهم غير مؤهلين “مهيئين ” لتقبل التصنيع . فالفروق بين سكان الشمال وسكان الجنوب الامريكي يمكن ارجاعه الى العوق الوظيفي للنظام العبودي في الجنوب ففي حين أدى النظام العبودي وظيفة النمو الاقتصادي والاجتماعي في الشمال نراه أعاق عملية التقدم الاقتصادي في الجنوب
تصنيفات ميرتون للوظائف 
قسم ميرتون الوظائف في المجتمع الى نوعين :

1) الوظائف الظاهرة:
وهي التي ترمي الى تحقيقه التنظيمات الاجتماعية . مثلا بأن تكون الجامعات مخصصة للدراسة والبحث 
العلمي والخدمة الإجتماعية.

2)الوظائف غير الظاهرة:
وهي التي لاتأحذ التنظيمات الإجتماعية بالحسبان تحقيقها أو العمل لاجلها ، كأن تمارس الجامعة وظائف سياسية او اقتصادية او تمثل فضاءات اجتماعية للتسلية والترفية واضاعة الوقت او تحقيق مكانات إجتماعية...

●خلاصة عامة:

لاشك ان توضيحات ميرتون تمثل اضافات هامة بالنسبة لعلماء الاجتماع الذين يصرون على استعمال التحليلات الوظيفية في دراساتهم للوظائف الاجتماعية ، فتعديلات ميرتون للصيغ القديمة للنظرية الوظيفية تعد تعديلات ضخمة بحيث يمكن تسمية علماء الاجتماع الذين تبنوا تفكيره بـ” الوظيفيين الجدد
التطبيقات العملية للبنيوية الوظيفية:

تطبيق البنيوية الوظيفية على بحث جرائم النساء:

يمكن دراسة الدوافع الاساسية لجرائم النساء بدوافع بنيوية ووظيفية داخلية وخارجية, فالدوافع الداخلية لجرائم النساء تكمن في الظروف والمعطيات الداخلية للمرأة التي ارتكبت الفعل الاجرامي . فالمرأة قد تعيش في اسرة مظطربة او مفككة تتسم بعدم التوازن بين اجزائها ,فالمراة قد لاتربطها علاقة حميمة مع زوجها وان اولادها يعيشون في حالة ضياع, وانها تعاني من الفقر والحرمان المادي، وان علاقتها بأقربها ضعيفة او مفككة وان قيمها ومبادءها السلوكية متصدعة....الخ جميع هذة العوامل الداخلية تدفعها الى الجريمة والانحراف. اما الظروف الخارجية التي تعيشها المرأة التي ارتكبت الجريمة فتكون مؤاتية للجريمة والجنوح نتيجة ضعف وسائل الضبط الاجتماعي واضطراب وتداعي البيئة التي تعيشها مع شيوع الجريمة والفساد في ارجاء المجتمع, مع هشاشة او تناقض الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المؤثرة في المجتمع .جميع هذه الاوضاع البنيوية الخارجية تدفع المرأة الى الانحراف والجنوح.
اما وظائف الفعل الاجرامي الذي تقوم به النساء فهي نتائج الفعل وانعكاساته على المجتمع , فالجنوح يعرض المجتمع الى الاضطراب وفقدان الثقة وضياع الامن الاجتماعي وتصدع القيم والمقاييس , بمعنى اخر ان الوظائف تكون هدامة للبناء الاجتماعي وهدامة للفرد الذي ارتكب السلوك الجانح او الشاذ ايضا , فنتائج السلوك الاجرامي على المرأة نفسها كثيرة منها اضطراب نظامها القيمي والاخلاقي والسلوكي وتوليد عقدة الذنب عندها والتي تؤثر في توازن شخصيتها وتكيفها للمحيط . اضافة الى ظهور الدوافع الاجرامية عندها والتي تدفعها الى ارتكاب المزيد من الجرائم والاعمال المنكرة.
العنف الاسري في النظريه البنائيه الوظيفية:
ويرجع أصحاب النظرية الوظيفية العنف الأسري إلى الخلل الوظيفي الأسري family dysfunction حيث ينظر أصحاب هذه النظرية إلى الأسرة كنظام اجتماعي social system له بناؤه وعلاقاته المتبادلة وحدوده التي تحفظ له توازنه، وبالتالي فإن توازن الأسرة يمكن أن يصيبه الخلل نتيجة اضطراب البناء أو العلاقات أو الحدود، وبهذا يمكن القول أن العنف الأسري هو دليل على وجود خلل ما في هذه الأجهزة المكونة للنظام. وإذا تغيرت القواعد والقوانين والمسؤوليات التي تعمل على توازن النظام الأسري، فإن من المتوقع أن تظهر في الأسرة علاقات سلبية.
تعليقات