حضور الدين وغياب الآلهة_ كلود ليفي شتراوس.pdf
حضور الدين وغياب الآلهة_ كلود ليفي شتراوس. |
مقدمة الترجمة العربية
كلود ليفي شتراوس مئة عام من الثورة الأنثربولوجية في العالم بقلم: علي بدر
ولد العالم الأنتربولوجي كلود ليفي شتراوس في مدينة بروكسل، عاصمة بلجيكا في العام 1908، وكان جل أفراد عائلته من الفنانين، فوالده كان رساماً وعمه كذلك، إلا أن هذه العائلة لم تمكث طويلاً في بروكسل حيث انتقلت في العام 1914 إلى باريس، فعاش هناك طفولة متأملة مستوحدة، كان لها الأثر الكبير في صياغة أفكاره اللاحقة وقد كتب شتراوس في المدارات الحزينة وهو الكتاب الذي حقق له شهرة واسعة - بتركيبته الغريبة، وطابعه المتميز، وأسلوبه الحر مقاطع عن حياته وذكريات طفولته بأسلوب شيق يخلط بين اليوميات والتفسيرات فقد أمضى ليفي شتراوس سنوات طفولته في الأرياف المتاخمة للعاصمة الفرنسية منهمكا في القراءة والتفكير ومستسلما كليا للتجوال في المساحات الشاسعة الخضراء، جامعا من الأرض ما يجده من أحجار مشكلة بتناظرات هندسية، أو ملتقطا من الأشجار شضايا جذوع يابسة ليخلق منها قطعا فسيفسائية، وهذه العملية التي أطلق عليها بالترقيع شكلت جزءا لا يتجزء من منهجه الأنتربولوجي فيما بعد.
كانت حياة ليفي شتراوس العملية مضطربة أول الأمر، حيث أخذ يدرس القانون بعد أن أنهى دراسته في الليسية، إلا أنه سرعان ما تخلى عنها لصالح دراسته للفلسفة، وفي العام 1923 حصل على الليسانس التي هيئته للتعليم منصب ، أستاذ في الليسية بضعة سنوات. ثم تخلى عن هذه المهنة بعد حصوله على . علم الاجتماع في سان باولو، وهناك أخذ ليفي شتراوس يطوف في أدغال وغابات البرازيل بصورة ميدانية باحثا عن المجتمعات البدائية والحياة الطبيعية والأعراق القديمة، وبعد اندلاع الحرب العالمية الثانية التحق ليفي شتراوس بالخدمة العسكرية إلا أن باريس سقطت بيد الألمان فرحل إلى نيويورك حيث أخذ يدرس الانتربولوجيا في المدرسة الجديدية للبحث الاجتماعي، وهناك في مدينة نيويويرك البعيدة عن الحرب تقريبا.
حيث كانت تدور رحاها في قلب أوربا التقى ليفي شتراوس لقاء تاريخيا بعالم اللسانيات الروسي الكبير رومان جاكوبسون، حيث أثر هذا الأخير على عالم الأنتروبولوجيا الشاب تأثيرا بالغاء وساهم مساهمة فعالة في صياغة أفكاره البنيوية بعد أن جعله يدرس اللسانيات دراسة معمقة وساعده على نقل ثورة السانيات البنيوية من عالم اللسانيات إلى حقل الأنتريولوجيا.
ملخص الكتاب:
إن الطابع الخفي للثقافة، يتجلى، كما يبدو لي في كبير من المجتمعات. وما علينا إلا النظر إلى طبقات الكهنة وجماعات السحرة، لنجد شيئاً مشابهاً لما وصفته، وباعتقادي أن القطيعة التي ألمحت إليها فيما يتعلق بمجتمعاتنا، لا يعود سببها إلى أن هذه الأنشطة المختلفة لا تمارس من قبل نفس الأفراد بل إلى غياب التواصل الشخصي بين هؤلاء الأفراد. ثم إن الساحر، في المجتمع المحلي قد يكون من المختصين في هذا المجال، ولكنه . مع . ذلك يبقى جاراً لي، يقطن في الدار المجاورة لي، ولي معرفة به، نلتقي كل يوم ونتشارك عدداً من الاهتمامات، والأمور الدنيوية.
وبلا شك سوف لا يغيب عن ذهني كونه ساحرة، بالتالي فهو
مالك لمعرفة متعالية، غير أن العلاقة بيننا سوف لن تتعرض لعنصر التغرب الموجود في مجتمعاتنا، والذي بأمكاني أن أوضحه بهذا المثال البسيط لعامل في معمل رينو الذي سوف لن تتاح له الفرصة، وحتى النادرة منها بزيارة مؤلف موسيقي أو رسام.