التغير الاجتماعي بين النظرية والتطبيق.pdf
ماهية التغير الاجتماعي:
التغير في ذاته ، حقيقة وجودية ، فضلا عن ظاهرة عامة تخضع لها مظاهر الكون وشؤون الحياة بالاجمال ، وهو أكثر وضوحا في الحياة الاجتماعية لأنها في تغير مستمر . وهذا ما حدا ببعض العلماء الى القول إن ليس هناك مجتمعات : ولكنوالموجود تفاعلات وعلاقات اجتماعية في تغير دائم وآثار متبادلة .. إنه ضرورة حياتية للمجتمعات البشرية ، فهو سبيل بقائها ونموها فبالتغير يتهيأ لها التكيف مع واقعها وبالتغير يتحقق التوازن والاستقرار في بناها وأنشطتها ، وعن طريق التغير تواجه الجماعات البشرية متطلبات أفرادها وحاجاتهم المتجددة . وعلى الرغم من بساطة مفهوم التغير نظرا لعموميته في الاستعمال اليومي ، فقد أثار كثيرا من الجدل والتناقض في مجالي علم الاجتماع وعلم دراسة الانسان الاجتماعي : فقلما تباينت آراء علماء الاجتماع فيما
الحال في تحديد مفهوم التغير الاجتماعي الأمر الذي يدفعنا الى محاولة توضيح هذا المفهوم ، بخاصة بينهم كما هي وأن ظاهرة التغير في الوقت الحاضر تعد من أهم المسائل التي تشغل الفكر الاجتماعي المعاصر : حيث لم يعد التغير تلقائيا يسير دون توجيه واع بل غدا تغيرا مقصودا واراديا يتم وفق خطط مدروسة من أجل تنمية حقيقة هادفاة فماذا يعني التغير ؟
يتضح من المدلول اللفظي للتغير أنه يشير إلى التحول أو التبدل أو الانتقال حالة الى حالة مختلفة . أي أنه اختلاف الشيء عما كان عليه في خلال فترة من الزمن . إنه بعبارة أخرى تعاقب الاختلافات عبر الزمن في كيان قائم
من Persisting Identity هذا التصور الملية الغير يتضمن ثلاثة عناصر هاست تا الان إن الاختلافات ، الزمن ، والكيان القائم . وترتبط هذه العناصر بتذبذبات التغير التي تصاحب
شكل الحركة أو التفاعل أما الاختلافات فتظهر عندما تلاحظ ما يعتري لأشياء من التغير ، فملاحظة هذه الاختلافات هي بداية معرفة التغير . والتغير لا ينفصل عن البعد الزمني فهو
ينتسب لى تاريخ معين . وحينما تتعاقب هذه الاختلافات عبر الزمن فانها تتعلق بالكيان الذي يستقر خلال الاختلافات المتعاقبة . وحينئذ يمكننا القول إنه قد حدث تغير وحينما تضاف كلمة الاجتماعي الى التغير ، والتي تعني ما يتعلق بالمجتمع.
التغير الاجتماعي : التحولات أو الاختلافات المتعاقبة التي تطرأ على البناء الاجتماعي Social Structure خلال فترة من الزمن . ولكن هل كل التغيرات التي تطرأ على المجتمع هي تغيرات اجتماعية بالمعنى السوسيولوجي ؟ بالطبع لا .
میز المفكرون بين كل تغير وآخر بحيث لا يمكن أن نسمي كل التغيرات التي تطرأ على المجتمع تغيرات اجتماعية . فهناك تغيرات متعددة في المجتمع في الثقافة : المادي والفكري، وهناك اختلاف في أنماط العلاقات بين الأفراد والجماعات ، واختلاف في الوظائف والأدوار الاجتماعية ، وفي الأنظمة والقيم و العادات وما الى ذلك، كما أن هناك اختلافا في الأدوات التي يستخدمها المجتمع من حين الى آخر . وفي أساليب توظيفها ، كل ذلك يعد تغيرات في المجتمع إلا أنها
لیست جميعا تغيرات اجتماعية .
فما هو التغير الاجتماعي بين تلك المتغيرات ؟
لقد حاول المفكرون الاجتماعيون الاجابة عن هذا السؤال . فكانت اجابات متعددة ومتباينة أحيانا . وهذا يعود بالطبع الى اختلاف متطلبات الباحثين النظرية والايديولوجية من جهة واختلاف المكان والزمان بين المجتمعات من جهة أخرى
كما أن للأمر جانبا منهجيا أيضا يتعلق بكيفية صباغة العلم مفاهيمه وقوانينه وتعاريفه .
لقد میز جي روشر Guy Rocher التغير الاجتماعي عن غيره من التغيرات غير الاجتماعية وحدد له أربع صفات هي :
التغير الاجتماعي ظاهرة عامة ، توجد عند أفراد عددين ، وتؤثر في أسلوب حياتهم وأفكارهم.
إقرأ أيضا كتاب التغير الاجتماعي إعتماد علام وأحمد زايد.pdf
التغير الاجتماعي يصيب البناء الاجتماعي Social Structure أي يؤثر في هيكل النظام الاجتماعي في الكل أو الجزء ، فالتغير الاجتماعي المقصود هنا ، هو التغير الذي يحدث أثرا عميقا في المجتمع ، وهو الذي يطرأ على المؤسسات الاجتماعية كالتغير الذي يطرأ على بناء الأسرة ، أو على النظام الاقتصادي، أو السياسي وما الى ذلك . هذا
التغير هو الذي يمكن تسميته التغير الاجتماعي.
٣ - يكون التغير الاجتماعي محددا بالزمن أي يكون ابتداء من فترة زمنية ومنتهيا بفترة زمنية معينة ، من أجل مقارنة الحالة الماضية بالحالة المراهنة . ومن أجل الوقوف على مدى التغير ، ولا يتأتى ادراك ذلك الا بالوقوف على الحالة السابقة ، أي أن قياس التغير يكون انطلاقا من نقطة مرجعية في الماضي.
أن يتصف التغير الاجتماعي بالديمومة والاستمرارية وذلك من أجل إدراك التغير والوقوف على أبعاده ، أما التغير الذي ينتهي بسرعة ، فلا يمكن فهمه ، ولذلك فالتغير الاجتماعي يكون واضحا من ديمومته .
ولهذا فان التغير الاجتماعي عند » جي روشر هو كل تحول Transformation في البناء الاجتماعى بلاحظ في الزمن ولا يكون مؤقتاً سريع الزوال لدى فئات واسعة من المجتمع ويغير مسار حياتها .
أما « حسين رشوان » فيقول : ( وحين تتناول التغير الاجتماعي : الى الاختلافات المتعاقبة التي تقع. الزمن في بعض العلاقات الاجتماعية كالمعايير ، والدور ، والمكانة ، والبناء الاجتماعي ، وكذلك العائلة ، والكنيسة ، والأمة ، الملكية ، ودور المرأة ، ومكانة الزوج ، ومجتمع القرية ، فاذا قلنا إن النظام العائليق د تغير : فاننا نعني بهذا أن ثمة اختلافا بين حالتي العائلة القائمة والعائلة التاريخيةا لتي نعرفها عن طريق السجلات المكتوبة أو عن طريق الذاكرة » . ( رشوان و تعرض كل من « جيرت Gerth » و « ملز Millsا لى ماهية التغير الاجتماعي ، ويعدان التغير الاجتماعي : التحول الذي يطرأ على الأدوارا لاجتماعية التي يقوم بها الأفراد، وكل ما يطرأ على النظم الاجتماعية ، وقواعدا لضبط الاجتماعي التي يتضمنها البناء الاجتماعي في مدة معينة من الزمن.
ويشير « عاطف غيث » الى التغير الاجتماعي بأنه « التغيرات التي تحدث في التنظيم الاجتماعي، أي في بناء المجتمع ووظائف هذا البناء المتعددة ، والمختلفة )
ويرى أن التغيرات الاجتماعية تأتي على عدة أشكال : التغير في القيم الاجتماعية ، تلك القيم التي تؤثر بطريقة مباشرة في مضمون الأدوار الاجتماعية والتفاعل الاجتماعي ، كالاتنقال من النمط الاقطاعي للمجتمع الى النسط التجاري الصناعي، الذي صاحبه تغير في القيم التي ترتبط باخلاقيات هاتين الطبقتين في النظرة الى العمل وقيمة القائمين به وغير ذلك التغير في النظام الاجتماعي أي في البناءات المحددة مثل صور ومضمون الأدوار ، أي في المراكز والأدوار الاجتماعية ، كالانتقال من نظام تعدد الزوجات الى نظام وحدانية الزوج والزوجة ، ومن الملكية المطلقة الى الديمقراطية ، ومن النظام الذي يقوم على المشروعات الخاصة الى لاشتراكية .
التغير في مراكز الأشخاص . ويحدث ذلك بحكم التقدم في السن أو نتيجة الموت ، ومن الهام أن تدرك الأهمية الدائمة التي تكون للأشخاص الذين يشغلون مراكز اجتماعية معينة ، لأنهم بحكم مرا لأنهم بحكم مراكزهم يستطيعون التأثير في مجربات اجتماعية معينة ، الاحداث الاجتماعية .
ويشير و محمد علي الشناوي » الى المتغير الاجتماعي بأنه : « كل تحول يقع في مجتمع من المجتمعات ، وكل تغير يصيب تركيبه أو بنيانه الطبقي أو نظمه الاجتماعية ، أو القيم والمعايير السائدة فيه ، أو أنماط السلوك . ونوع العلاقات
القائمة بين أفراده وجماعاته ، وقد يكون هذا التغير ماديا يستهدف رفع المستوى الاقتصادي والتكنولوجي والمادي للمجتمع ، وقد يكون نفسيا اجتماعيا يسعى التغير اتجاهات الناس وقيمهم وعاداتهم وسلوكهم ، والتغير الاجتماعي
ينبغي أن يكون عملية مقصودة ، لا تترك العفوية المظروف ، ومن هنا تبرز ضرورة التخطيط له ، ودراسة الديناميات التي تصاحبه وترتب عليه » ٠ ويلاحظ مما سبق، أن المفكرين متفقون في النظرة العامة لماهية التغير الاجتماعي الذي هو : كل تغير يطرأ على البناء الاجتماعي في الوظائف والقيم والأدوار الاجتماعية خلال فترة محددة من الزمن. وقد يكون هذا التغير ايجابيا أي تقدما وقد يكون سلبيا أي تخلفا . أي ليس هنا من اتجاه محدد للتغير وتتضح عملية التغير عندما يطرد البناء الاجتماعي النظم التي لم تعد قادرة على أداء ما هو مطلوب منها .