إسم الكتاب: فن أن تكون دائماً -
على صواب
من تأليف: آرثور شوبنهاور
ترجمة:
د. رضوان العصبة
مراجعة وتقديم:
د. حسان الباهي
لمحة عن الكتاب:
أعظـم سلاح المغالـط هو التلبيس والتدليس، أي ديدنـه أن يعتمـد الحجج الملتوية المرائية وأن يدع المستقيمة منها، ولما كان الإنسان أثر لتلك المرائية وأهرع إليها، لما في طبعه من أنانية ومحبة للذات، إذ ليس عنده أوغل في المهانة من رؤيتها منكسرة ذليلة، ولما عرف به من ميل إلى الخديعة والمكيدة، ولما أحطت به من أن طريق قويم الحجج وصائبها أضيق، وأن طريق ملوي الحجج وكاذبها أرحب؛ وجب فحص هذا النمط من الحجج المرائية والمموهة قصد الوقوف على طبيعتها، ومن ثم، تحديد سبل نقضها.
ذلـك أن كل معتمد على حجج مموهة يفرض علينا خيـاريـن: إمـا أن نبين مكمن المغالطة، فنقطع عليه مكالمتـه؛ وإمـا أن نجاريـه في ذلك، ونعمل على التصدي له ونقض مغالطته. وما دام الأمر كذلك، فقد بانـت أهمية العلم بالمغالطات للاقتدار على نقضها والتصدي لمختلف أساليب التضليل والتغليط. فعلى ناقض المغالطات أن يكون داريـا بأصول وضوابط الصناعة، وأن يمتلك قدرات تحليلية وتقويمية تمكنه مـن اكتساب مختلف آليات العرض والاعتراض. فمن علمهـا وعمل بهـا نجح في أن يقطع على المغالط تدليله، وربما عكسه ضده، وقلب الحجة عليه، ولئن كان من يجهل القانون لا يعذر، فإن من يجهل هذه الحيـل أو المغالطات أولى به أن يغلب ويهزم. فمن أتقـن هذا النوع من الجـدل وأجاد أساليبه، فالنصر حليفه سواء في ذلك أكان محقا أو مخطئا.