دليل مصطلحات الدراسات الثقافية والنقد الثقافي_سمير_ لخليل.pdf
المقدمة:
تبنى النقد الثقافي والدراسات الثقافية مصطلحات كثيرة اجتنباها من حقول مجاورة واجترها عدداً منها في انطلاقتهما الحداثية في التعامل مع الخطابات بشتى أنمامها تجاوزاً لمفهوم النص الأدبي المحدود والذي تبناء النقد الأدبي
ووقف عنده ولك بنيته وأفاض في الحديث عن جماليته.
فالدراسات الثقافية والنقد الثقافي حقلان متداخلان ويعملان على تفكيك البني الثقافية وأنساقها، والسباقات الثقافية وتحليل الخطاب المؤسساتي والسلعلوي وتفويضه، والمادة الأساسية لاشتغالهما هي الثقافة التي تعد من المفردات الشائكة والغامضة على رأي (تيري إيغلتن)، فقد بلغت تعريفاتها أكثر من مئة وستين تعريفاً، وقال (وليامز) في معرض حديثه عن مفهوم الثقافة : " كم أتمنى لو أنني لم أسمع بهذه الكلمة اللعينة ، وهذا يعكس مدى التعقيد في
تعریف مفهوم الثقافة، ولقد جاءت (الدراسات الثقافية) لتسائل الذات وتجعلها موضوعاً قابلا للتحليل ونقد مسلماتها وكشف تحيزاتها ولعل أهم ما جاءت به مناهج (ما بعد الحداثة) هو إعادة تقييم العلاقة بين الذات والموضوع، ومساءلة العقل واستجواب الذات من الذات نفسها لتكون موضوعاً خارجاً عن أرضها الثقافية وبنيتها المؤسساتية، ومن هنا بزغ (النقد الثقافي) ليرسم إطاره العام
وصفه مشروعاً معرفياً منفتحاً على مجمل الحقول المعرفية مثل الأنثروبولوجيا والتاريخ وعلم النفس والاجتماع والفلسفة والاقتصاد ليؤسس رؤية واضحة ثقف عند أنساق مضمرة تتحكم في إنتاج الخطاب واستهلاكه وكيفيته وتأويله، مما وسع من منظومة مصطلحاته بعد أن أفاد كثيراً من الدراسات الثقافية وممارساتها لتحليل السلوك الثقافي بوصفه نشاطاً إنسانياً وقد أملت النقد الثقافي بمنظومتها المصطلحية ورؤاها وبعض أدواتها المرورية أصلاً من أنها تعد الثقلة الثقافية نحو (النقد الثقافي)، بل تعد نقلة نوعية
مهمة في الدراسات الحداثية ووجهت الأنظار إلى الدراسات التي تجاوزت التقليدية وانفتحت على موضوعات مهمة كالتسرية والجنوسة والنقد التسوي والمهمش ونقد الخطاب المؤسساتي وغير ذلك، مما أفرز مصطلحات مهمة علي
هذا الكتاب بها وبالمصطلحات التي تبناها النقد الثقافي بما بعد الحداثة .
ولا بد من الإشارة إلى أن النقد الثقافي (ما بعد الحداثي) استعار مصطلحات من حقول مجاورة لا حصر لها وتبناها أيضا كونه اقدأ شمولياً منفتحة على (علم الجمال) و(علم العلامات) و(الماركسية) و(النظرية الأدبية) والأنثروبولوجيا) و(علم الاجتماع) و(علم النفس) والحقول المعرفية الأخرى،
ولهذا وقفنا عند مصطلحات هي من حقول أخرى لكن النقد الثقافي وقبله الدراسات الثقافية احتفيا بها ووظفاها بحيوية وفاعلية ولا سيما مصطلحات الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع وغيرهما.
من البديهي القول إن إشكالية المصطلح المعاصر تعد من الأولويات التي شغلت وتشغل الدارسين في هذا الشأن ولا سيما حينما تتعدد ترجمات المصطلح الواحد، ولا يخفى على أحد ولا سيما المتبع أن اجتراح المصطلح و تحديده بتعرض لكثير من المتغيرات التي من شأنها أن تسهم بشكل أو بآخر في عملية التحديد واستقرار المفاهيم، ولست أسنين القول إذا .. قلت إن انشغال العقل الناقد في فهم الوضع المعرفي الدقين للمصطلح يعد من المسائل التي تشغل بال الكثيرين، إذ تعاني بعض المصطلحات من تعدد المقاهيم كما نوهنا سابقاً، لذا فإن تعدد المفاهيم واختلاف الترجمات وميوعة أو هلامية بعض المصطلحات وانتقالها من التنظير إلى التطبيق من حفل معرفي إلى آخر أسهمت هي الأخرى في ضياع حدود المصطلح المراد ضبطه ومن ثم أدت إلى الحالة
التي هي عليها الآن وبذلك تعرضت مصطلحات النقد الأدبي والنقد الثقافي إلى افتراضات غير دقيقة أدت إلى حدوث سوء فهم وإرباك كبيرين لدى المتلقي بوصفه باحثاً عن خطاب معرفي آخر يتأسس على خطاب تقدي.