قلق الجندر النسوية وتخريب الهوية _ جوديث بتلر.pdf
قلق الجندر وتخريب الهوية هو مصطلح يشير إلى مفهوم نقده جوديث بتلر، الفيلسوفة النسوية والنقدية الاجتماعية. في أعمالها الرئيسية مثل "الأسس الجندرية للهوية" و"الجندر في مقاماته"، تتناول بتلر العديد من المفاهيم المهمة في فهم الهوية الجندرية والتفاعل معها في المجتمع.
قلق الجندر النسوية وتخريب الهوية _ جوديث بتلر.pdf ترجمة: فتحي المسكيني. |
ملخص الكتاب قلق الجندر وتخريب الهوية
واحدة من الأفكار الرئيسية لبتلر هي أن الجندر ليس مجرد حقيقة ثابتة وبيولوجية، بل هو بناء اجتماعي وثقافي يتم بناؤه وتحديده من خلال الممارسات والتوقعات الاجتماعية. ترى بتلر أن الهوية الجندرية ليست شيئًا ثابتًا وثابتًا، بل هي نتاج للأداء والتجربة الاجتماعية. وفي هذا السياق، ترى بتلر أن الأدوار الجندرية المفروضة من قبل المجتمع تقوم بتقييد الأفراد وتحدد هويتهم بطرق تقلل من حرية الفرد وتؤثر على تعبيره الحقيقي للذات.
من خلال النقد النسوي، تسعى بتلر إلى كشف الآليات الاجتماعية والسياسية التي تدعم السلطة والتفرقة بين الجنسين. تعتبر بتلر أن الجندر ليس مجرد قضية شخصية، بل هو مسألة سياسية تؤثر على التوزيع العادل للقوة والموارد في المجتمع. تهدف بتلر من خلال نقدها إلى تحقيق المساواة وتحرير الأفراد من القيود الاجتماعية والثقافية المفروضة عليهم بناءً على هويتهم الجندرية.
من المهم أن نلاحظ أن قلق الجندر وتخريب الهوية ليست مفهومًا مقبولا بسهولة أو إجماع عام. هناك من يوافق على وجهة نظر بتلر ويرون أهمية تحليل الأدوار الجندرية وتأثيرها على الفرد والمجتمع. ومن الناحية الأخرى، هناك أيضًا من يعارض وجهة نظرها ويعتبرها تهديدًا للثوابت الاجتماعية والثقافية.
من المهم أيضًا أن نذكر أن هناك نقاشًا واسعًا حول الجدل حول قلق الجندر وتأثيره على الهوية الشخصية. يعتبر البعض أن تحليل بتلر يساهم في تحرير الأفراد وتوسيع حدود التفكير والتعبير عن الذات. في حين يرون آخرون أن هذا التحليل يؤدي إلى الارتباك والتشويش على الهوية الشخصية وقيم الأسرة والمجتمع.
بغض النظر عن وجهات النظر المختلفة، يُعَد قلق الجندر وتخريب الهوية مفهومًا مهمًا في دراسة الجندر والنقد النسوي، وقد أثار نقاشًا حيويًا حول التوزيع العادل للقوة والموارد في المجتمع وحقوق الفرد في تعبير هويته الجندرية.
قدمت جوديث بتلر ، الفيلسوفة البارزة والمنظرة الجندرية ، مساهمات كبيرة في النظرية النسوية وفهم الجندر كبنية اجتماعية. بينما كان عمل بتلر مؤثرًا وأثار العديد من المناقشات .
تتمثل إحدى أفكار بتلر المركزية في مفهوم الأداء الجنساني ، الذي يتحدى فكرة أن الجنس محدد أو ثابت بيولوجيًا. وفقًا لتلر ، فإن الجنس ليس شيئًا نولد به ، بل هو شيء يتم إنشاؤه من خلال العروض المتكررة والتفاعلات الاجتماعية. تتأثر هذه العروض بالمعايير والتوقعات المجتمعية ، وهي تساهم في إنشاء الهويات الجنسانية والحفاظ عليها.
فيما يتعلق بالنظرية النسوية ، تجادل بتلر بأن المقاربات النسوية التقليدية التي تسعى إلى إنشاء فئات أو هويات ثابتة للنساء يمكن أن تكون مقيدة. وتشير إلى أن مثل هذه المحاولات قد تعزز هياكل السلطة القمعية القائمة عن طريق استبعاد أو تهميش الأفراد عن غير قصد الذين لا يتناسبون مع تلك الفئات بدقة. يؤكد عمل بتلر على الطبيعة المرنة والديناميكية للجنس ، بهدف تحدي وتعطيل المفاهيم الثنائية للذكور والإناث.
فيما يتعلق بالقلق الجندري وتدمير الهوية ، يقر عمل بتلر بأن عملية بناء الجندر وأدائه يمكن أن تولد القلق لدى الأفراد. يضع المجتمع التوقعات والضغوط على الأفراد للتوافق مع معايير النوع الاجتماعي ، وأولئك الذين يحيدون عن هذه المعايير قد يواجهون أشكالًا مختلفة من التمييز والاستبعاد. يمكن أن يكون هذا القلق سائدًا بشكل خاص للأفراد الذين لا يتناسبون بدقة مع فئات الجنس التقليدية أو الذين يعتبرون غير ثنائيي الجنس أو متحولين جنسياً.
يجادل بتلر بأن الاعتراف بالهويات الجنسية المتنوعة وقبولها أمر حاسم لتحدي هياكل السلطة القمعية وخلق مجتمعات أكثر شمولية. من خلال تفكيك المعايير والفئات الجندرية الصارمة ، تعتقد أن الأفراد يمكن أن يتمتعوا بقدر أكبر من الحرية في استكشاف هوياتهم والتعبير عنها ، مع تحدي الأعراف المجتمعية التي تقيدهم.
من المهم ملاحظة أن أفكار بتلر خضعت لتفسيرات وانتقادات مختلفة. يجادل بعض النقاد بأن تركيزها على الأداء يتجاهل الحقائق المادية وخبرات الأفراد. اتهمها آخرون بالترويج لشكل من أشكال النسبية الثقافية يمحو تجارب الفئات المهمشة. هذه النقاشات والنقد هي جزء من المناقشات الجارية داخل النظرية النسوية ودراسات النوع الاجتماعي.
يوصى دائمًا بالرجوع إلى أعمال بتلر الأصلية للحصول على فهم أكثر عمقًا لأفكارها وللتعامل مع مجموعة متنوعة من وجهات النظر عند استكشاف النظرية النسوية ودراسات النوع الاجتماعي.
جوديث بتلر
أستاذة الأدب المقارن والبلاغة في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. حازت الدكتوراه في الفلسفة من جامعة ييل في عام 1984. صدر لها عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ترجمة كتاب مفترق الطرق: اليهودية ونقد الصهيونية (2017).
ترجمة: فتحي المسكيني
فيلسوف ومترجم تونسي، أستاذ التعليم العالي في الفلسفة، في جامعة تونس منذ عام 1990، حاز دكتوراه الدولة في الفلسفة الألمانية في عام 2003. من أعماله الفلسفية: نقد العقل التأويلي أو فلسفة الإله الأخير (2005)؛ الهوية والحرية: نحو أنوار جديدة (2011)؛ الهجرة إلى الإنسانية (2016). ومن ترجماته عن الألمانية: فريدريك نيتشه: في جنيولوجيا الأخلاق (2010)؛ إيمانويل كانط: الدين في حدود مجرد العقل (2012)؛ مارتن هيدغر: الكينونة والزمان (2012)؛ نظرية الفعل التواصلي لهبرماس (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات)، في مجلدين (2020).
صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (سلسلة ترجمان)، كتاب جوديث بتلر قلق الجندر: النسوية وتخريب الهوية، ترجمة فتحي المسكيني (340 صفحة).
يتناول الكتاب أهم الفرضيات النظرية التي تقول بوجود هوية نسوية، ويتحدى الفرضيات حول الاختلافات بين الجنس والجندر، التي تقول بأن الجنس بيولوجي، أما الجندر فهو بناء ثقافي، حيث تؤدي هذه التفرقة إلى حدوث انفصام في أمر من المفترض أنه متوحد. ويسعى إلى الكشف عن الطرق التي من خلالها يكون التفكير نفسه في ما هو ممكن في الحياة المجندرة ممنوعًا، وإلى تقويض أي خطاب لنزع المشروعية عن الممارسات الجنسية والمجندرة الخاصة بأقلية ما، على الرغم من أن هذا لا يعني أن ممارسة الأقليات كلها ينبغي التغاضي عنها أو الاحتفاء بها، بل "علينا أن نكون قادرين على التفكير فيها قبل الإقدام على أي نوع من الاستنتاجات حولها". وفي حين تسعى المؤلفة إلى توكيد الرابط بين الجندر والجنسانية، فإنها لا تدعي أن أشكال الممارسة الجنسية تنتج جنادر معينة، بل تشدد على أنه في ظل ظروفٍ تحكمها معايير الجنسانية الغيرية، يُستعمل ضبط الجندر أحيانًا بوصفه طريقة لتأمين الجنسية الغيرية.
يرى كثيرون (في الغرب) أنّ في الكتاب "تدخلًا" استفزازيًا في النظرية النسوية، يستشهد به باعتباره من النصوص التأسيسية لنظرية "الكوير"، على الرغم من أن المؤلفة تؤكد أنها تسعى من خلاله إلى إحداث مراجعة نقدية للمفردات الأساسية للحركة النسوية.
ذوات الجنس/ الجندر/ الرغبة
تعيد بتلر النظر في منزلة "النساء" من حيث هنّ الذات الخاصة بالنسوية، وفي التمييز بين الجنس/ والجندر. وتطرح الأسئلة المركزية عن خطاب الجندر: كيف تبني اللغة مقولات الجنس؟ وهل أن "الأنثى" The Female تقاوم التمثيل داخل اللغة؟ وتسائل الإطار المفاهيمي لعدد من منظري الجنسانية، تعيد طرح أسئلة فيما تختلف مع مقاربة مونيك فيتيغ Monique Wittig)؟
كيف تنتج اللغة ذاتها هذا البناء التخييلي للجنس الذي يسند هذه الأنظمة المختلفة من السلطة؟ وفي نطاق لغة قائمة على الجنسانية الغيرية الإجبارية، أيّ أنواع من الاستمرارية يُفترَض أن توجد بين الجنس والجندر والرغبة؟ وهل هذه المصطلحات منفصلة؟ وأيّ أنماط من الممارسات الثقافية من شأنها أن تنتج الانقطاع والنشاز التخريبيين ما بين الجنس والجندر والرغبة، وتضع العلاقات المزعومة في ما بينها موضع سؤال؟
في التحريم والتحليل النفسي وإنتاج قالب الجنسانية الغيرية
تقدّم الكاتبةُ قراءة منتخبة للتفسيرات التي أعطتها البنيوية والتحليل النفسي والنسوية عن سفاح المحارم بوصفه الآلية التي تحاول فرض الهويات الجندرية المنفصلة والمتسقة من الداخل في صلب إطارٍ جنساني غيريA heterosexual frame. إن مسألة الجنسانية المثلية Homosexuality هي، في بعض خطابات التحليل النفسي، مقرونة على نحو لا يتغير بأشكال من اللامعقولية الثقافية Unintelligibility، وفي حالة النزعة السحاقية Lesbianism، بتجريد الجسد الأنثوي من طابعه الجنسيDesexualization . وقد جرت استعمالات نظرية التحليل النفسي من أجل تفسير مركب "الهويات" الجندرية، عبر تحليل الهوية والتماهي Identification والتنكرMasquerade لدى جون ريفيير Joan Rivière، وفي دراسات أخرى من التحليل النفسي. وما إن يجري إخضاع سفاح المحارم إلى نقد فوكو للفرضية القمعية في تاريخ الجنسانية، يقع الكشف عن البنية التحريمية أو القانونية؛ من أجل أمرين، وهما: أن ننزل الجنسانية الغيرية الإجبارية في نطاق تنظيم Economy جنسي ذكوري، وأن نتمكن من تقديم اعتراض نقدي على هذا التنظيم. هل أنّ التحليل النفسي هو بحث مضاد للنزعة التأسيسية يثبت نوع التعقد الجنسي الذي يزعزع نظام الشفرات الجنسية الجامدة والتراتبية؟ أم أنه يحافظ على مجموعة غير معترَف بها من الافتراضات حول أسس الهوية التي تعمل لمصلحة تلكم التراتبيات نفسها؟
أفعال جسدية تخريبية
تبدأ بتلر الفصل الثالث من الكتاب بتأمل نقدي في بناء الجسد الأمومي لدى جوليا كريستيفا، وذلك من أجل الكشف عن المعايير الضمنية التي تحكم المعقولية Intelligibility الثقافية للجنس والجنسانية في عملها. وعلى الرغم من أن فوكو قد جُنّد من أجل نقد كريستيفا، فإن فحصًا دقيقًا لعمله سوف يكشف عن لامبالاة إشكالية إزاء الاختلاف الجنسي. لكن نقده مقولة الجنس يقدّم لنا نظرة ثاقبة إلى الممارسات التنظيمية Regulatory لبعض الروايات الطبية المعاصرة المبتكرة من أجل تعيين جنس أحادي المعنىUnivocal . إذ تقترح نظرية مونيك فيتيغ ورواياتها "تفكك"Desintegration الأجساد المشكلة ثقافيًا، موحِيةً بأن المورفولوجيا نفسها هي نتيجة خطاطة مفاهيمية مهيمنة.
أما المبحث الأخير من هذا الفصل، وعنوانه "نقوش جسدية، تخريبات إنجازية"، فهو ينظر في حدود الأجساد وسطحها بوصفها أمورًا جرى بناؤها سياسيًا، على نحوٍ يدنو من أعمال ماري دوغلاس وجوليا كريستيفا. ومن أجل رسم خطة لتجريد المقولات الجسدية وإعادة تحديد دلالتها، سأصف وأقترح مجموعة من الممارسات الساخرة القائمة على نظرية إنجازية في أفعال الجندر التي تزعزع Disruptمقولات الجسد والجنس والجندر والجنسانية، وتؤدي إلى إعادة تحديد دلالتها التخريبية وإلى تكاثرها ما وراء الإطار الثنائي.
من الباروديا إلى السياسة
يمكن أن تُستخدَم الممارسات البارودية أو الساخرة من أجل إعادة تنشيط وتوطيد التمييز بين تشكل مفضل ومطبع للجندر وتشكّل يظهر بوصفه مشتقًا واستيهاميًا، ومحاكيًا Mimeticنسخة فاشلة، إن صحّ التعبير. وبلا ريب، فإن الباروديا أو المحاكاة الساخرة قد استُخدمت من أجل تدعيم ضرب من سياسة اليأس، سياسة تقول بإقصاء في الظاهر لا مناص منه للجنادر الهامشية عن إقليم الطبيعي والواقعي. وأرى أنّ هذا الفشل في أن يصبح "واقعيًا" وأن يجسد "الطبيعي" هو فشل مقوّم Constitutive لكل عروض Enactments الجندر؛ وذلك لسبب محدد يتمثل في أنّ هذه المواضع الأنطولوجية هي في أساسها غير قابلة للسكن. ومن ثم، فإن هناك ضحكًا تخريبيًا في المفعول المحاكاتيPastiche للممارسات الساخرة، حيث يكون الأصلي والأصيل والواقعي عناصر هي نفسها متشكلة بوصفها مفاعيل. إنّ فقدان معايير الجندر سوف يكون مفعوله تكاثر تشكلات الجندر، وزعزعة الهوية الجوهرية، وحرمان السرديات التطبيعية للجنسانية الغيرية من بطلَيها الأساسيين: "الرجل" و"المرأة". ويكشف التكرار الساخر للجندر عن وهم الهوية الجندرية من حيث هي عمق عصيّ وجوهر باطن. ومن جهة ما هو مفاعيلُ كينونة إنجازية Performativity حاذقة ونافذة سياسيًا، فإن الجندر هو "فعل"، إن صح التعبير، مفتوح على التصدعات، والمحاكاة الساخرة من الذات Self-parody، ونقد الذات، وتلك الاستعراضات المغالية لـ "الطبيعي" التي، في مبالغتها نفسها، تكشف عن منزلتها الاستيهامية في أساسها.
لقد حاولت بتلر أن تبين أن مقولات الهوية التي يُفترَض غالب الأحيان أنها مؤسسة للسياسة النسوية، نعني، التي تُعتبَر ضرورية من أجل تعبئة الحركة النسوية بوصفها سياسة هوية، تعمل على نحو متزامن ومسبق على وضع حدود وقيود للإمكانيات الثقافية نفسها التي يُفترَض أن الحركة النسوية تفتح الطريق إليها. ويجب أن تُفهَم القيود الخفية التي تنتج "الجنس" المعقول ثقافيًا، على نحو أقرب إلى البنى السياسية التوليدية منها إلى التأسيسات المطبعة.
يتركز العنصر السياسي في صلب الممارسات الدلالية التي ترسي الهوية وتنظمها وتحررها Regulate and deregulate. وقد طرحت بتلر ذلك عبر طرح مجموعة من الأسئلة التي تتخطى مفهوم السياسي نفسه. كيف السبيل إلى تقويض الأساسات التي تغطي تشكيلات ثقافية بديلة للجندر؟ وكيف السبيل إلى زعزعة استقرار "بنايات" The “premises” السياسة الهووية وإرجاعها إلى بعدها التخييليPhantasmatic ؟