تحميل كتاب مدخل إلى الفلسفة PDF
من تأليف : محمد محمد قاسم
تصدير
الفلسفة سؤال، والعلم سؤال وجواب . والإنسان عندما لا يتوقف عن التساؤل؛ تتحقق فيه أرقى خصائص الإنسانية : إحساس بالمسؤولية ، بحث وتقصي، أداء دور في الحياة، اقتراح حلول كبرى لمشکلات البشر، فهم الحياة ومعرفة حكمة الوجود وسبل التعرف على الكائنات والكيانات .
ومتى توصل الإنسان الفرد إلى إجابة برضي عنها الإنسان النوع بدأت ملامح العلم في التبلور والظهور، هنا يتوقف الإنسان العالم مشدوها أمام ما حقق من إنجاز علمي، ومأخوذا بتعدد تطبيقاته، وأثرها في تلوين أنماط نشاطه ومظاهر حياته . أما الإنسان المفلسف فلا يتوقف .
ولا ينظر إلى وراء، وإنما بعيد طرح ما تبقى له من أسئلة .
ونحن في هذا الكتاب الأولى تحاول ان ترصد ملامح تكون نطفة السؤال الفلسفي، وتشكله جئينا، وحالة المخاض التي تعيشها الإنسانية في أزمنة التحول الحضاري : ساعات طرح السؤال .
جاء الكتاب في خمسة فصول، تناول الفصل الأول منها «الفلسفة والإنسان» وأردنا بهذا الفصل أن نوضح للقاريء التلازم الضروري بين كون المرء إنساناً وممارسة الفلسفة، لقد إنطوي الإنسان على استعدادات فطرية منها : الاندهاش، الشك، الضمير، الوعي ؛ تكفل له ملكة نقدية تسمح له بطرح السؤال الفلسفي والبحث عن إجابة، وعندما يبحث
الإنسان مفلسفاً لا يتوقف عند عتبة ذاته، بل تمتد شعاب بحوثه وأنساق استدلالاته إلى الطبيعة وإلى الله .
وجاء الفصل الثاني لبحث أوجه نشاط الإنسان الفكري تجاه الطبيعة وتجاه الله ، فإذا به يبعث علاقة الفلسفة كاستعداد فطري فينا بالطبيعة وقد خضعت للقياس والتعليل؛ فكان العلم. فإذا بحث الإنسان علاقته بربه ، ومعايير هذه العلاقة، كان الدين . ثم إذا انطوى بحثه على الطابع الفردي في النظر والتأويل كانت علاقة الفلسفة بالفن، فإذا عاد وبحث علاقته
كفرد بعلاقته بجماعة تنتظمها قوانين وقواعد وأعراف في شتى صنوف ومجالات الحياة كانت علاقة الفلسفة بالعلوم الإنسانية - لكن يلاحظ أن علاقة الإنسان بنفسه، وكذلك علاقته بربه، تأخذ طابع التجربة الذاتية التي لا تقبل التعميم ولا تصلح أن تشكل خطاباً عاماً يقبله بني جنسه قاطبة ، بينما يتغير الأمر تماما تجاه الخطاب العلمي - موضوع الفصل الثالث - حيث يكون في العادة موضع إتفاق بين القوات .
وتكشف العلاقة الجدلية بين الفلسفة والعلم عن طبيعة أهمية السؤال الفلسفي للعلم، كما تكشف أيضاً عن أهمية رسيد المعرفة العلمية في بناء المذاهب الفلسفية. ولما كان الخطاب العلمي نتاجا للمستوى الحضاري لكل عصر ، فإنه يعكس روح النمو والتطور، روح المعرفة العلمية، وقد رصدنا في هذا الفصل نماذج لهذه الروح من اطاليس، حتى «اینشتین .