نظريات الارشاد والعلاج النفسي_كمال يوسف بلان.pdf

مقدمة الكتاب

تسهم تعقيدات الحياة المعاصرة بمظاهرها المختلفة في زيادة المتطلبات المتوقعة من الفرد الذي يعيش في علاقة تفاعلية مع البيئة ومتغيراتها، والتي تتطلب منه النمو من خلالها والتكيف معها بحيث تتوافق فيها جميع جوانب شخصيته.

ونتيجة لعدم التوافق أحياناً مع متغيرات البيئة تبرز كثير من الأحداث والمواقف التي تقود إلى ظهور اضطرابات سلوكية أو مشكلات نفسية واجتماعية، وبناء على ذلك تعاظمت مسؤولية الإرشاد النفسي الذي تركز جميع برامجه وخدماته

واستراتيجيات الإنمائية والوقائية والعلاجية على رعاية النمو السليم للفرد والارتقاء بسلوكه، وتعديل النماذج السلوكية غير المرغوب فيها وتوجيهها بما يتلاءم مع قدرات وميول الفرد بحيث أصبحت الحاجة ماسة إلى التوجيه والإرشاد في المدارس والأسر والمجتمع بشكل عام. كان التوجيه والإرشاد فيما مضى موجوداً ويمارس دون أن يستند إلى اسس علمية وبرامج إرشادية منظمة. ومع تقدم الحياة أصبح للإرشاد والعلاج النفسي نظريات ومجالات وبرامج وتقنيات، ويمارسه اخصائيون نفسيون يتم إعدادهم في الجامعة ويخضعون لدورات تدريبية متخصصة في الإرشاد والعلاج النفسي وتكون نظريات الإرشاد والعلاج النفسي القاعدة والانطلاق للمرشد لفهم المسترشد ذاته وتكوين نظرة صحيحة عن العالم الذي يعيش فيه، ومساهدته على تجاوز الصعوبات وحل المشكلات التي تواجهه. ولا يقتصر عمل المرشد النفسي على إتباع نظرية واحدة، بل لابد له من الاطلاع على نظريات أخرى والإفادة منها في عمله الإرشادي أو العلاجي

لقد لاحظ المؤلف قلة المؤلفات العربية الأصيلة في نظريات الإرشاد والعلاج النفسي، كما شعر وهو يبحث في هذه النظريات انه في غابة متنوعة الأشجار فالتوافق أحياناً والاختلاف أحياناً أخرى واضح بين هذه النظريات، بل حتى

التناقضات أحياناً. والباحث فيها يجد أنها مختلفة ومتشعبة في فلسفاتها وأهدافها ومفاهيمها وطرائقها بالرغم من استفادة كل نظرية من سابقاتها .

لقد غلب على عرض كل نظرية الوصف الموضوعي بالدرجة الأولى مع بعض التحليل والنقد، ولم يكن هدفنا في هذا الكتاب أن نقدم نقدا أو نتبنى نظرية محددة، أو نحاول تطوير نظرية معينة بل هدفنا النقل الصادق لأفكار كل نظرية

وأهدافها وتقنياتها وإيجابياتها وسلبياتها . واعتبر المؤلف نفسه صديقاً لكل نظرية عرضها في هذا الكتاب، لأن كل نظرية تحقق نتائج طيبة إذا توافرت لها الظروف

المواتية.

أما بنية الكتاب، فقد اتخذ كل فصل من فصوله الشكل الذي اتخذته الفصول الأخرى تقريبا، وحاول المؤلف تنظيم عرض كل نظرية بطريقة تحقق قدرا من تنظيم العرض وتبسيطه، دون أن يؤثر ذلك على تكامل كل نظرية، بحيث يستطيع الباحث عقد المقارنات بين النظريات المختلفة، وهذا مفيد جدا لفهم محتويات كل نظرية وكلنا أمل بأن تكون نظريات الإرشاد النفسي دليل عمل للمرشدين والمعالجين النفسيين والمعلمين في مراحل التعليم المختلفة وطلاب الإرشاد النفسي وعلم النفس.