كتاب علم النفس وقضايا العصر
كتاب علم النفس وقضايا العصر |
تقديم:
تمهيد :
لكتاب عن "علم علم النفس وقضايا العصر" بحسن أن تقدم بتعريف لعلم النفس مع مناقشة لأهدافه .
تعريف علم النفس:
أما عن تعريف لعلم النفس، فمما لا شك فيه أن تعريف أي علم من العلوم، وبخاصة إذا كان من العلوم الإنسانية شأن - النفس، يعتبر شائكاً إلى حد بعيد، بحيث يكاد يستحيل على القائم به أن ينجح في وضع التعريف المثالي والذي يحقق به الخاصية الشهيرة للتعريف الدقيق من حيث كونه جامعاً مانعاً. ذلك أن الحدود الفاصلة بين علم وغيره في كثير من الحالات تكون حدوداً هولامية يكتنفها الكثير من الطلال ويشربها الكثير من الخلط، حتى أنه نشأت علوم حديثة نسبياً تقع بين علم وآخر آخذة من هذا ومتداخلة مع ذاك، فهناك ـ على سبيل المثال ـ علم النفس الاجتماعي الذي يأخذ من علم النفس ويتداخل مع علم الاجتماع، وعلم النفس الفسيولوجي الذي يأخذ من الفسيولوجيا ويتداخل مع علم النفس، وعلم الكيمياء الحيوية الذي يأخذ من علم البيولوجيا ويتداخل مع علم الكيمياء .
إلا أن هذا الاستدراك لا ينبغي أن يعفينا من محاولة وضع تعريف لعلم النفس على نحو ما تعتقد به في هذا الكتاب الذي تبحث فيه إسهامه في دراسة بعض القضايا التي تستحوذ على اهتمامنا أو تستثير تساؤلاتنا.
ما هو علم النفس :
علم النفس هو العلم الذي يدرس سلوك الإنسان، بأوسع معنى لمصطلح السلوك، بحيث يشمل نشاط الإنسان في تفاعله مع بيئته تعديلا لها حتى تصبح أكثر ملاءمة له، أو تكيفاً ذاتياً معها حتى يحقق لنفسه أكبر توافق معها. والسلوك بهذا المعنى الشامل الواسع يتضمن ما هو ظاهر يمكن للآخر إدراكه كتناول الطعام والشراب والمشي والجري والقفز والاعتداء بالضرب
والقيام بالأعمال والوجبات كما يتضمن ما هو غير مدرك إلا من صاحبه مثل التفكير الصامت والتخيل والتذكر والأوهام والمخاوف والآمال والحزن والسرور والغضب وما إلى ذلك من انفعالات قد لا تصاحبها مظاهر مكشوفة يحسها الآخرون، بل إن السلوك يتضمن ما لا يستطيع أن يدركه حتى القائم به ذاته مثل ما يعتمل داخل النفس من دوافع ورغبات وآمال ومخاوف لا يشعر بها صاحبها، وحتى إن شعر بها فهو لا يعرف كنهها الحقيقي، لأنها لا شعورية في أساسها على نحو سلوك النائم في تخييلات أحلامه وما يراه فيها بل وحركته الفعلية أثناءها كالكلام بصوت مسموع أو المشي أثناء النوم، وعلى نحو أيضاً أعراض الأمراض النفسية ومظاهرها عموماً. كما يتضمن السلوك بالمثل ما تقوم به أجهزتنا الجسمية من نشاطات قد نستطيع الإحساس بها كالتنفس وطرفة العين، وقد لا نستطيع أن نحشها حتى لو قصدنا إلى ذلك مثل إفرازات المعدة وإفرازات السكر في الدم . . .
ومن الجدير بالذكر أن علم النفس كثيراً ما يلجأ إلى دراسة سلوك الحيوان مما يبدو مناقضاً لتعريفنا الذي عرضناه، حيث دراسته لسلوك الإنسان. لكننا ينبغي أن تذكر أن علم النفس عندما يدرس سلوك الحيوان - على الأقل حتى يومنا هذا ـ إنما يكون هادفاً أساساً منه إلى إلقاء مزيد من الضوء وتحقيق مزيد من المعرفة بسلوك الإنسان. وكان علم النفس في هذا الموقف يتخذ من الحيوان سلماً لمعرفة الإنسان وفهمه، ذلك أن عالم النفس كثيرا ما يرى ضرورة إجراء تجارب لفهم سلوك الإنسان وتفسيره لكنه يعجز..
علم النفس والقضايا المعاصرة: فهم التجربة الإنسانية:
علم النفس هو الدراسة العلمية للسلوك البشري والعمليات العقلية. يسعى إلى فهم سبب تصرف الناس بطرق معينة ، وكيف يعالجون المعلومات ، وكيف يتفاعلون مع الآخرين. في عالم اليوم سريع الخطى ، هناك العديد من القضايا المعاصرة التي تؤثر على الصحة العقلية للناس ورفاههم. ستستكشف هذه المقالة بعض هذه المشكلات وكيف يمكن أن يساعدنا علم النفس في فهمها ومعالجتها.
وصمة العار على الصحة العقلية:
على الرغم من التقدم في فهمنا للصحة العقلية ، لا يزال هناك قدر كبير من الوصمة المرتبطة بالأمراض العقلية. يمكن أن تمنع هذه الوصمة الأشخاص من طلب المساعدة ، مما قد يؤدي إلى تدهور حالتهم. يمكن أن يساعدنا علم النفس في فهم سبب وجود وصمة العار وكيفية الحد منها. أظهرت الأبحاث أن التثقيف والاتصال بالأشخاص الذين عانوا من مرض عقلي يمكن أن يساعد في تقليل وصمة العار. من خلال فهم العلم وراء المرض العقلي وكيف يؤثر على الناس ، يمكننا تطوير المزيد من التعاطف والتفهم تجاه أولئك الذين يكافحون.
وسائل التواصل الاجتماعي والصحة العقلية:
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جانبًا منتشرًا في الحياة الحديثة ، ولها آثار إيجابية وسلبية على الصحة النفسية. من ناحية أخرى ، يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تربط الناس وتوفر إحساسًا بالانتماء للمجتمع. من ناحية أخرى ، يمكن أن يؤدي أيضًا إلى الشعور بالوحدة والقلق والاكتئاب. يمكن أن يساعدنا علم النفس في فهم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة العقلية وتطوير استراتيجيات لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة صحية. على سبيل المثال ، أظهرت الأبحاث أن الحد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم يمكن أن يحسن نوعية النوم.
القلق من تغير المناخ:
يعد تغير المناخ قضية عالمية ملحة تسبب القلق والضيق لكثير من الناس. التأثير النفسي لتغير المناخ معقد ، ويمكن أن يظهر بطرق مختلفة ، مثل القلق البيئي ، والشعور بالذنب تجاه البيئة ، والغضب البيئي. يمكن أن يساعدنا علم النفس في فهم كيفية التعامل مع هذه المشاعر واتخاذ إجراءات لمعالجة تغير المناخ. على سبيل المثال ، يمكن أن تساعد ممارسة اليقظة والانخراط في السلوكيات المؤيدة للبيئة في التخفيف من القلق البيئي.
العنصرية والتمييز:
لا تزال العنصرية والتمييز من القضايا الهامة في أجزاء كثيرة من العالم ، ويمكن أن يكون لهما تأثير عميق على الصحة العقلية. يمكن أن يساعدنا علم النفس في فهم الآليات النفسية التي تكمن وراء العنصرية والتمييز ، مثل التحيز الضمني وتهديد الصورة النمطية. من خلال فهم هذه الآليات ، يمكننا تطوير استراتيجيات للحد من التحيز وتعزيز الشمولية. على سبيل المثال ، أظهر البحث أن تعريض الناس لوجهات نظر متنوعة يمكن أن يساعد في تقليل التحيز الضمني.
توازن الحياة مع العمل:
يكافح الكثير من الناس لتحقيق التوازن بين عملهم وحياتهم الشخصية ، مما قد يؤدي إلى الإجهاد والإرهاق ومشاكل الصحة العقلية الأخرى. يمكن أن يساعدنا علم النفس في فهم أهمية التوازن بين العمل والحياة وكيفية تحقيق ذلك. على سبيل المثال ، أظهرت الأبحاث أن أخذ فترات راحة وممارسة هوايات خارج العمل يمكن أن يحسن الأداء الوظيفي والرفاهية العامة.
في الختام ، يمكن أن يساعدنا علم النفس في فهم ومعالجة العديد من القضايا المعاصرة التي تؤثر على صحتنا العقلية ورفاهيتنا. من خلال تطبيق المبادئ والتقنيات النفسية ، يمكننا تطوير استراتيجيات للتعامل مع التوتر وتقليل وصمة العار وتعزيز الشمولية. بينما نستمر في مواجهة تحديات جديدة في العالم الحديث ، سيلعب علم النفس دورًا أساسيًا في فهم التجربة الإنسانية وتحسين حياتنا.