البنيوية فى الأنثروبولوجيا و موقف سارتر منها.pdf
تصدير :
يعالج هذا الكتاب موضوعاً طريفا بين الفلسفة والعلم .
فهو يقدم
الأنثروبولوجيا البنيوية ، كما يتعرض لما أثارته من موضوعات مختلفة أدت
إلى مواجهة فكرية مع الاتجاه الوجودي هند جان بول سارتر بوجه خاص .
وينبغي أن نعرف أن الموقف البنيوي كما عرضه ليفي ستروس لم ينشأ
في فراغ . ولكي نفهم هذا القول يتعين علينا العودة إلى النزعة التجريبية المزمنة
le scientisme التي سادت في القرن التاسع عشر والتي كان من نتائجها ظهور الوضعية
عند أوجست كونت متأثرة بروح العصر الذي ظهر فيه ماركس وداروين
ولامارك وباستير ، والنهديون الفرنسيون من أمثال كلود برنارد ، مؤلاء
الذين دفعوا بالفلسفة المادية إلى القدمة.
وبذلك قام للنهج العلمي التحريي على إيمان
حاسم بأن كل ما هو غير مادي لا يصلح أن يكون موضوعا للبحث العلمي بل أيضا
لا يمكن أن يعترف بوجوده .
وهذه القضية الأخيرة كان فيها تجاوز خطير
ف
للموقف العلمى إذ أن القول بأن الموضوع غير المادي لا يصلح أن يكون أساسا
التجربة والملاحظة العلمية ، هذا القول لا يمكن أن يكون مبررا نخرج منه إلى -
القضية السابقة الذكر ، وهي أن كل ما هو غير مادي غير موجود .
فتلك قضية
لا يستطيع العلم أن يحسمها ، إذ تظلل في دائرة البحث الفلسفي .
وقد نشأت العلوم الإجتماعية على هذه الأسس التي وضعها المنهجيون
التجربيون ، كما أغرى بريق المنهج التجريبي جمهرة العلماء الاجتماعيين ، فتسابق
كل منهم كي ينشىء عليـا إنسانيا على لسقي العلوم الفيزيقية والفلكية من حيث المنهج.