.webp "boukultra"){kind=small}
كتاب الحداثة المتجددة نحو مجتمعات أكثر إنسانية ألان تورين
كتاب "الحداثة المتجددة: نحو مجتمعات أكثر إنسانية" للمفكر الفرنسي ألان تورين، ترجمه إلى العربية جلال بدلة، وصدر عن دار الساقي.
في هذا الكتاب، يتناول تورين نقد النظريات التي تختزل المجتمعات الحديثة إلى مجرد كيانات اقتصادية أو ثقافية أو استهلاكية، ويرفض فكرة الحتمية التي تقيد السلوك الإنساني بقوانين ثابتة، بما في ذلك القوانين الثقافية. يسعى الكتاب إلى توضيح ما يُميز الحداثة، أي الإبداعية البشرية أو التاريخ. يشير تورين إلى أن ما يميز مجتمعنا المعاصر هو الوعي بهذه الخاصية، مما أدى إلى ظهور "حداثة فائقة" تدرك شرطها الإبداعي والتاريخي، بالإضافة إلى ما نتج عنها من دمار ومجازر جماعية وعرقية. هذا "الوعي التام والمباشر" هو ما يميز مجتمعات الحداثة الفائقة.
يدعو تورين إلى إعادة التفكير في مفهوم الحداثة لمواجهة نظام اقتصادي شرس يهدد العلوم الاجتماعية، ويعيد بناء تصور عن الإنسان القادر على تغيير بيئته الاجتماعية وحتى شرطه الإنساني من خلال ممارسة الإرادة وتجربتها.
|
| غلاف كتاب الحداثة المتجددة نحو مجتمعات أكثر إنسانية_ألان تورين. |
معلومات أساسية عن الكتاب
- المؤلف: ألان تورين، عالم الاجتماع الفرنسي البارز (وُلد عام 1925)، وأحد رواد دراسة الحركات الاجتماعية والحداثة.
- الترجمة العربية: نُقل الكتاب للعربية بواسطة جلال بدلة، وصدر عن دار الساقي.
- الموضوع الرئيسي: نقد الحداثة التقليدية وطرح رؤية لتجديدها عبر التركيز على القيم الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
المحتوى الرئيسي والأفكار المحورية
1. نقد الحداثة التقليدية
يرى تورين أن الحداثة التي نشأت مع الثورة الصناعية ركزت على التقدم التكنولوجي والاقتصادي على حساب الجوانب الإنسانية، مما أدى إلى:
- تفاقم الفوارق الاجتماعية والاقتصادية .
- تهميش الحقوق الأساسية مثل الحرية والكرامة .
- تحويل البشر إلى "مواد استهلاكية" في ظل هيمنة الرأسمالية المتوحشة .
2. مفهوم "الحداثة الفائقة"
يطرح تورين مصطلحًا جديدًا هو "الحداثة الفائقة"، التي تعني:
- وعي المجتمعات بذاتها كفاعل مبتكر في التاريخ، وليس ككيان منفعل .
- تحويل التركيز من الآلات والتكنولوجيا إلى الإنسان وقدرته على الابتكار .
- رفض "نزع التذويت" (إلغاء الهوية الإنسانية) الذي تفرضه الأنظمة الشمولية أو الرأسمالية المتطرفة .
3. شروط تحقيق الحداثة المتجددة
يشدد تورين على ضرورة:
- تعزيز حقوق الإنسان الأساسية: كالحرية والمساواة، والتي يجب أن تكون فوق المصلحة العامة المُزعومة .
- إعادة هيكلة النظام الاقتصادي: عبر الحد من هيمنة السوق، ودعم الاقتصاد الاجتماعي .
- تفعيل دور الحركات الاجتماعية: مثل النقابات والمنظمات غير الحكومية، لمواجهة الاستغلال .
4. التحديات التي تواجه الحداثة
- التهديدات البيئية: كالتغير المناخي، التي تُعَد نتاجًا لسوء إدارة الموارد في ظل الحداثة التقليدية .
- صعود الشعبوية والتطرف : كحركات مناهضة للقيم الديمقراطية، مثل الجماعات الإسلاموية أو القومية المتشددة .
- فقدان الثقة بالمؤسسات: كالأحزاب السياسية، مما يفرض الاعتماد على الوعي الفردي بالمسؤولية .
منهجية تورين وأسلوبه
- التركيز على "التدخل السوسيولوجي": وهي طريقة بحثية تعتمد على الحوار المباشر مع أفراد الحركات الاجتماعية لفهم دوافعهم وتطلعاتهم .
- الجمع بين التحليل النظري والتطبيقي: كما في دراساته عن حركة "تضامن" في بولندا، التي يُظهر فيها كيف تحولت النقابة إلى حركة وطنية ديمقراطية .
أهمية الكتاب وتأثيره
- في المجال الأكاديمي: يُعتبر مرجعًا أساسيًا لفهم تحولات المجتمعات الصناعية وعلاقتها بالحداثة .
- في السياسات العامة: يدعو إلى إصلاحات تعليمية واقتصادية تعزز العدالة، مما أثر على نقاشات حول إصلاح الأنظمة في أوروبا وأمريكا اللاتينية .
- في السياق العربي: يُقدم إطارًا لفهم حركات مثل الربيع العربي، التي تجسّد صراعًا بين الحداثة وأنظمة الاستبداد .
انتقادات وجهت للكتاب
- الغموض في تعريف "الحداثة الفائقة": بعض القراء وجدوا المصطلح غير واضح المعالم .
- التفاؤل المفرط: تجاه قدرة الحركات الاجتماعية على إحداث تغيير جذري في ظل هيمنة الأنظمة القوية .
مقتطفات بارزة
- _"الحداثة هي سيرورة يمتلك الفرد من خلالها وعيه كذات بشرية فاعلة، وليس كموضوع منفعل"_ .
- _"لا حداثة ممكنة دون احترام حقوق الإنسان الأساسية، التي يجب أن تكون في المرتبة الأولى"_ .
الخاتمة
يُعد كتاب تورين دعوةً ملحّة لإعادة تعريف الحداثة عبر إعادة الإنسان إلى مركز المشهد، بدلًا من الاقتصاد أو التكنولوجيا. رغم انتقادات بعض المفاهيم، يظل عملاً مُلهِمًا للناشطين وصانعي السياسات والباحثين في علم الاجتماع .
.webp "boukultra")